صفحة جزء
[ المسألة ] الثامنة

الخطاب للأمة إن اختص بهم نحو : يا أيها الأمة فلا يدخل الرسول تحته بلا خلاف ، كما قال الصفي الهندي ، وأشار إليه القاضي عبد الوهاب في كتاب " الإفادة " ، ومثله بقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم } فالأول : عام . والثاني : خاص فينا دونه ، لأنه هو الذي أمرنا بالاستجابة له ، ومثله قوله : { قد أنزل الله إليكم ذكرا ، رسولا } ، تقديره : اطلبوا رسولا على الإغراء ، وهذا أيضا فينا دونه . ا هـ . وإن أمكن تناوله نحو : يا أيها الناس ، ويا أيها المؤمنون ، ويا عبادي ، فاختلفوا فيه ، فالأكثر على أنه يشمله . وقيل : لا ، لأجل الخصائص الثابتة له . والثالث : نقل عن أبي بكر الصيرفي والحليمي التفصيل بين أن يسبقه تبليغ : نحو قل ، ونحوه ، فلا يشمله ، فإن الأمر بالتبليغ يؤثر في عموم [ ص: 258 ] الخطاب ، وإن ورد مسترسلا فالرسول فيه بمثابة غيره ، واستنكره إمام الحرمين ، لأن القول فيها جميعا مستند إلى الله تعالى ، والرسول مبلغ خطابه إلينا ، فلا معنى للتفرقة .

وقال المقترح في تعليقه : الخطاب إما أن يكون من الكتاب ، أو من السنة ، فإن كان من الكتاب فهو مبلغ عن الله سبحانه وتعالى ، والمبلغ يندرج تحت عموم الخطاب ، وإن كان من السنة فإما أن يكون مجتهدا أو لا .

فإن قلنا : إنه مجتهد فيرجع إلى أن المخاطب : هل يدخل تحت الخطاب أم لا ؟ وإن لم يكن مجتهدا فهو مبلغ ، والمبلغ إذن داخل تحت الخطاب . ثم قيل : لا فائدة للخلاف في هذه المسألة . وقيل : بل تظهر فائدتها فيما إذا ورد العموم وجاء فعل النبي صلى الله عليه وسلم بخلافه ، فإن قلنا : إنه داخل في خطابه كان فعله نسخا ، وإن قلنا : ليس بداخل لم يخص فعله العموم ، وبقي على شموله في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية