صفحة جزء
مسألة

إذا تعددت الجمل ، وجاء بعدها ضمير جمع فهو راجع إلى جميعها كما قلنا في الاستثناء نحو : ادخل على بني هاشم ، ثم بني المطلب ، ثم سائر قريش ، وجالسهم ، والزمهم قال بعضهم : ولا يجيء فيه خلاف الاستثناء ، لأن مأخذ المخالف أن الاستثناء يرفع بعض ما دخل في اللفظ . [ ص: 435 ] وقال من قصره على الجملة الأخيرة : إن المقتضي للدخول في الجمل السابقة قائم ، والمخرج مشكوك فيه ، فلا يزال المقضي بالشك . وهذا المعنى غير موجود في الضمير ، فإن الضمير اسم موضوع لما تقدم ذكره ، وهو صالح للعموم على سبيل الجمع ، ولا مقتضي للتخصيص ، فيجب حمله على العموم . وهذا إذا كان الضمير جمعا ; فإن كان مفردا اختص بالأخيرة ، لأنه أقرب مذكور ، فلو قلت : أتاني زيد وعمرو وخالد فقتلته ، لرجع الضمير إلى خالد بالاتفاق ، ولا يرجع إلى ما قبله إلا بدليل ، كقوله تعالى : { أو لحم خنزير فإنه رجس } فإن الضمير راجع إلى اللحم ، لأنه المحدث عنه خلافا للماوردي وابن حزم حيث أعاداه إلى الخنزير لأن اللحم دخل في عموم الميتة هروبا من التكرار ، وعملا برجوع الضمير إلى الأقرب ، وهو مردود بما ذكرنا .

قال ابن حزم في " الإحكام " : والإشارة تخالف الضمير في عودها إلى أبعد مذكور . هذا حكمها في اللغة إذا كانت الإشارة ، بذلك ، أو تلك ، أو أولئك أو هو ، أو هم ، أو هن ، أو هما ، فإن كانت بهذا أو هذه ، فهي راجعة إلى حاضر قريب ضرورة

قال : وهذا لا خلاف فيه بين اللغويين ، ولذلك أوجبنا أن يكون القرء من حكم العدة ، وهو الطهر خاصة دون الحيض ، وإن كان القرء في اللغة واقعا عليهما سواء ولكن لما قال : { مره فليراجعها حتى تطهر ، ثم تحيض ثم تطهر ، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء } ، كأن قوله : [ ص: 436 ] تلك " إشارة تقتضي بعيدا . وأبعد مذكور في الحديث قوله : " تطهر " فلما تصح بهذا الحديث أن الطهر هو العدة المأمور أن يطلق لها النساء صح أنه هو العدة المأمور بحفظها لإكمال العدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية