صفحة جزء
مسألة

تقرير النبي صلى الله عليه وسلم واحدا من المكلفين على خلاف مقتضى العام ، هل يكون مخصصا إذا وجدت شرائط التقرير بعد الإنكار في حق ذلك الفاعل ؟ قاطع في تخصيص العام في حقه إذ لا يقر على باطل ، فإن كان بعد وقت العمل به كان نسخا في حقه . وأما في حق غيره . فإن ثبتت مساواته له بقوله : ( حكمي على الواحد ) ونحوه ارتفع حكم العام عن الباقي أيضا ، وعلى هذا يكون نسخا لا تخصيصا ، إن خالف ذلك جميع ما دل عليه العام ، ويكون تخصيصا إن خالف في فرد ، كما لو قال : لا تقتلوا المسلمين ، وقد رأينا أن شخصا قتل مسلما ، وأقره عليه السلام على ذلك . فيعلم أن ذلك المقتول كان يجوز لكل أحد قتله . ومثله الأستاذ أبو منصور بأن قوله : { فيما سقت السماء العشر } [ ص: 517 ] مخصوص { بتركه أخذ الزكاة من الخضراوات } . قال ابن القطان : وكذا { تركه أخذ الزكاة في النواضح } وإقراره { ترك الوضوء من النوم قاعدا } وإذا قلنا بالتخصيص بالتقرير ، فهل نقول وقع التخصيص بنفس التقرير ، أم يستدل بذلك على أنه قد خص بقول سابق ؟ فيه وجهان ، حكاهما ابن القطان وابن فورك وإلكيا ، أحدهما : أنه يستدل بذلك على أنه عليه السلام قال لهم ، إذ لا يجوز عليهم أن يتركوا ذلك إلا بأمر .

والثاني : أن التقرير وقع به التخصيص .

قال ابن فورك والطبري : وهو الظاهر من الحال ، وظاهر كلام ابن القطان يقتضي ترجيحه قالا : وعلى هذا يكون ما قاله الشافعي في { صلاة النبي عليه السلام قاعدا مع صلاة الصحابة خلفه قياما } دليل على أنه كان نسخ قوله : { إذا صلى الإمام قاعدا فصلوا قعودا } على أنهم لم [ ص: 518 ] يكونوا ليفعلوا ذلك ، وينتقلوا عن الحالة الأولى إلا لشيء متقدم ، وليس ذلك نقلا عن الحال إنما هو بناء على ما كانوا عليه ، ويتوصل بالحال إلى العلم به .

التالي السابق


الخدمات العلمية