تقسيم وهو إما أن يلزم عن مفرد أو مركب ، واللازم عن المفرد إما أن يتوقف الصدق أو الصحة العقلية أو الشرعية عليه أو لا . والثاني : أن يقترن بحكم لو لم يكن اقترانه به لتعليله كان اللفظ به قصدا من الشارع فيبينه إيماء كما سيأتي في باب القياس . 
والأول يسمى : 
دلالة الاقتضاء بأن يتوقف تحقق دلالة ذلك المفرد عليه ، إما لوجوب صدق المتكلم كقوله : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=51694رفع عن أمتي الخطأ   } أي حكم ذلك أو المؤاخذة ، لأن عين الخطأ والنسيان موجود . وإما لاستحالة المنطوق به عقلا ، كقوله تعالى : { 
واسأل القرية   } . فإن العقل يحيل سؤال الجدران ، فالتقدير : أهل القرية ; وإما للصحة الشرعية كقوله : اعتق عبدك عني ، لاستدعائه تقدير الملك ، إذ العتق لا يحصل إلا في ملك .  
[ ص: 123 ] 
وما ذكرناه من جعل الاقتضاء بأقسامه من فن المفهوم هو الذي صرح به 
الغزالي  في " المستصفى " ، وجرى عليه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي  وغيره . وأما 
الآمدي   nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب  فجعلاه من فن المنطوق ، وكذا الإيماء والإشارة مع تفسيرهما المنطوق بدلالة اللفظ في محل النطق ، والمفهوم بدلالة اللفظ لا في محل النطق ، وهذا بعيد من التوجيه ، مخالف لما ذكره أئمة الأصول فإنهم قالوا : سمي المفهوم مفهوما ، لأنه فهم من غير التصريح بالتعبير عنه ، وهذا المعنى شامل للاقتضاء والإيماء والإشارة أيضا ، فتكون هذه الأقسام من قبيل المفهوم ، لا المنطوق . ويمكن أن يجعل واسطة بين المفهوم والمنطوق ، ولهذا اعترف بها من أنكر المفهوم ، وقد وقع البحث في كلام 
 nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب    . هنا بين الشيخين 
علاء الدين القونوي  وشمس الدين الأصفهاني  ، وكتبا فيها رسالتين ، وانتصر 
الأصفهاني   nindex.php?page=showalam&ids=12671لابن الحاجب  بأن فسر المنطوق بما دل عليه اللفظ في محل النطق ، فلزم منه جعل الثلاثة منطوقا ، لأنها من قبيل ما دل عليه اللفظ في محل النطق ، وإن لم يوضح اللفظ لها ، بخلاف المفهوم ، فليراجع كلامهما . وجعل 
 nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب  دلالة الإشارة أن لا يقصد وهو في محل النطق ، ومثلها الحنفية بقوله تعالى : { 
للفقراء المهاجرين   } الآية . فإنه يدل على أن الكفار يملكون أموال المسلمين بالاستيلاء بطريق الإشارة إليه ، أي بطريق التبعية من غير قصد إلى بيانه ، إذ الآية  
[ ص: 124 ] سيقت لبيان استحقاقهم سهما من الغنيمة ، لا لبيان أن الكفار يملكون أموال المسلمين بالاستيلاء ، لكن وقعت الإشارة إليه من حيث إن الله سماهم فقراء ، مع إضافة الأموال إليهم . والفقير : اسم لعديم المال ، لا لمن لا تصل يده إليه مع كونه مالكا له ، فلو كانت أموالهم باقية على ملكهم لكانت التسمية المذكورة مجازا ، وهو خلاف الأصل . وضعف بأن التسمية وإن دلت على ما ذكروه لكن إضافة الأموال إليهم تدل على بقاء ملكهم ، إذ الأصل في الإضافة الملك ، فليس حملهم الإضافة على التجوز ، وإجراء التسمية المذكورة على الحقيقة أولى من العكس .