صفحة جزء
[ ص: 283 ] مسألة [ نسخ كل واحد من القول والفعل بالآخر ]

ظاهر مذهب الشافعي كما قاله الماوردي ، والروياني أن القول لا ينسخ إلا بالقول ، وأن الفعل لا ينسخ إلا بالفعل . وقال بعض أصحابنا : يجوز نسخ كل واحد منهما بالآخر ، لأن كلا منهما سنة يؤخذ بها . وقد { قال صلى الله عليه وسلم في السارق : فإن عاد في الخامسة فاقتلوه } ، ثم رفع إليه سارق في الخامسة ، فلم يقتله ، فدل على أنه منسوخ . وقال : { الثيب بالثيب جلد مائة والرجم } ، ثم رجم ماعزا ولم يجلده ، فدل على أن الجلد منسوخ . وما حكيناه عن بعض الأصحاب صححه الشيخ في " اللمع " وهو الذي يقتضيه مذهب الشافعي ، فإنه ذكر في إيجاب القعود إذا صلى الإمام قاعدا أنه نسخ بفعله صلى الله عليه وسلم في مرض موته .

وقال القاضي : يجوز نسخ الفعل بالفعل إذا علم كونهما مثبتين لحكمين متنافيين ، فأما النسخ بإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم على الفعل أو المنع منه فقد ذكرناه في باب الأخبار . قال : واختلف أيضا في نسخ قوله بفعله فأجازه قوم ومنعه آخرون . والصحيح الجواز . [ ص: 284 ] وقال ابن عقيل من الحنابلة : لا يجوز النسخ بالأفعال ، وإن جعلناها دالة على الوجوب دون دلالة صريح القول ، والشيء إنما ينسخ بمثله أو بأقوى منه . وقال ابن فورك : إذا أقر على غير ما أمر به ، هل يدل إقراره على نسخ الأول ؟ وجهان : أحدهما : أنه يقع به نسخ ، كما يقع به التخصيص على قولنا : إن الفعل يدل على الوجوب . ومن توقف في الفعل قال : ويستدل بإقراره على أنه قد سبقه قول نسخ به الأمر الأول ، لأن فعله يقع تخصيصا ، ويقع متعديا ، فمن قال بهذا فإنه يقول في حديث معاذ : وكان قد تقدم من النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ قول في ذلك ، ثم قال : سن لكم معاذ سنة فاتبعوه ، فأضافها إليه تنويها بذكره ، لما كان هو المبتدي به . ومن قال بالأول جعل سكوته على الإنكار نسخا له .

التالي السابق


الخدمات العلمية