صفحة جزء
القاعدة الثامنة والعشرون " المشغول لا يشغل " ولهذا لو رهن رهنا بدين ، ثم رهنه بآخر : لم يجز في الجديد .

ومن نظائره : لا يجوز الإحرام بالعمرة للعاكف بمنى ، لاشتغاله بالرمي والمبيت .

ومنها : لا يجوز إيراد عقدين على عين في محل واحد .

واعلم أن إيراد العقد على العقد ضربان : أحدهما : أن يكون قبل لزوم الأول وإتمامه ، فهو إبطال للأول إن صدر من البائع كما لو باع المبيع في زمن الخيار ، أو أجره أو أعتقه فهو فسخ وإمضاء للأول إن صدر من المشتري بعد القبض .

الثاني : أن يكون بعد لزومه ، وهو ضربان :

الأول : أن يكون مع غير العاقد الأول ، فإن كان فيه إبطال الحق الأول . لغا ، كما لو رهن داره ثم باعها بغير إذن المرتهن ، أو آجرها مدة يحل الدين قبلها ، وإن لم يكن فيه إبطال للأول صح ، كما لو أجر داره ثم باعها لآخر ، فإنه يصح لأن مورد البيع : العين ، والإجارة المنفعة . وكذا لو زوج أمته ثم باعها .

الثاني : أن يكون مع العاقد الأول ، فإن اختلف المورد صح قطعا ، كما لو أجر داره ثم باعها من المستأجر ، صح ولا تنفسخ الإجارة في الأصح ، بخلاف ما لو تزوج بأمة ثم اشتراها فإنه يصح ، وينفسخ النكاح ; لأن ملك اليمين أقوى من ملك النكاح ، فسقط الأضعف بالأقوى ، كذا عللوه .

واستشكله الرافعي بأن هذا موجود في الإجارة .

ولو رهنه دارا ، ثم أجرها منه . جاز ، ولا يبطل الرهن ، جزم به الرافعي . قال : وهكذا لو أجرها ، ثم رهنها منه . يجوز ; لأن أحدهما ورد على محل الآخر فإن الإجارة على المنفعة ، والرهن على الرقبة ، وإن اتحد المورد ، كما لو استأجر زوجته لإرضاع ولده ، فقال العراقيون : لا يجوز ; لأنه يستحق الانتفاع بها في تلك الحالة ، فلا يجوز أن يعقد عليها عقدا آخر يمنع استيفاء الحق ، والأصح : أنه يجوز ، ويكون الاستئجار من حين يترك الاستمتاع . [ ص: 152 ] ولو استأجر إنسانا للخدمة شهرا ، لم يجز أن يستأجر تلك المدة لخياطة ثوب ، أو عمل آخر . ذكره الرافعي ، في النفقات .

قال الزركشي : ومنه يؤخذ امتناع استئجار العكامين للحج .

قال : وهذا من قاعدة " شغل المشغول لا يجوز " بخلاف شغل الفارغ .

التالي السابق


الخدمات العلمية