صفحة جزء
[ ص: 159 ] القاعدة الثامنة والثلاثون " الميسور لا يسقط بالمعسور " قال ابن السبكي : وهي من أشهر القواعد المستنبطة من قوله صلى الله عليه وسلم { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } . وبها رد أصحابنا على أبي حنيفة قوله " إن العريان يصلي قاعدا . " فقالوا : إذا لم يتيسر ستر العورة ، فلم يسقط القيام المفروض ؟ وذكر الإمام : أن هذه القاعدة من الأصول الشائعة التي لا تكاد تنسى ما أقيمت أصول الشريعة :

وفروعها كثيرة : منها : إذا كان مقطوع بعض الأطراف ، يجب غسل الباقي جزما .

ومنها : القادر على بعض السترة ، يستر به القدر الممكن جزما .

ومنها : القادر على بعض الفاتحة ، يأتي به بلا خلاف .

ومنها : إذا لم يمكنه رفع اليدين في الصلاة إلا بالزيادة على القدر المشروع ، أو نقص أتى بالممكن .

ومنها : إذا كان محدثا وعليه نجاسة ، ولم يجد إلا ما يكفي أحدهما ، عليه غسل النجاسة قطعا .

ومنها : لو عجز عن الركوع والسجود دون القيام لزمه بلا خلاف عندنا .

ومنها : نقل العراقيون عن نص الشافعي : أن الأخرس يلزمه أن يحرك لسانه بدلا عن تحريكه إياه بالقراءة كالإيماء بالركوع والسجود .

ومنها : لو خاف الجنب من الخروج من المسجد ، ووجد غير تراب المسجد ، وجب عليه التيمم كما صرح به في الروضة ووجه بأن أحد الطهورين التراب : وهو ميسور فلا يسقط بالمعسور .

ومنها : واجد ماء لا يكفيه لحدثه أو نجاسته ، فالأظهر وجوب استعماله .

ومنها : واجد تراب لا يكفيه ، فالمذهب القطع بوجوب استعماله .

ومنها : من بجسده جرح يمنعه استيعاب الماء ، والمذهب القطع بوجوب غسل الصحيح مع التيمم عن الجريح .

ومنها : المقطوع العضد من المرفق ، يجب غسل رأس عظم العضد على المشهور .

ومنها : واجد بعض الصاع في الفطرة يلزمه إخراجه في الأصح .

ومنها : لو أعتق نصيبه وهو موسر ببعض نصيب شريكه ، فالأصح السراية إلى القدر الذي أيسر به . [ ص: 160 ]

ومنها : لو انتهى في الكفارة إلى الإطعام فلم يجد إلا إطعام ثلاثين مسكينا : فالأصح وجوب إطعامهم ، وقطع به الإمام .

ومنها : لو قدر على الانتصاب وهو في حد الراكعين ، فالصحيح أنه يقف كذلك .

ومنها : من ملك نصابا بعضه عنده وبعضه غائب ، فالأصح أنه يخرج عما في يده . في الحال .

ومنها : المحدث الفاقد للماء إذا وجد ثلجا أو بردا ، قيل : يجب استعماله ، فيتيمم عن الوجه واليدين ، ثم يمسح به الرأس ، ثم يتيمم عن الرجلين ، ورجحه النووي في شرح المهذب ، نظرا للقاعدة ، والمذهب أنه لا يجب .

ومنها : إذا أوصى بعتق رقاب ، فلم يوجد إلا اثنان وشقص ، ففي شراء الشقص ، وجهان أصحهما عند الشيخين : لا ، وخالفهما ابن الرفعة والسبكي نظرا للقاعدة .

تنبيه :

خرج عن هذه القاعدة مسائل : منها : واجد بعض الرقبة في الكفارة ، لا يعتقها ، بل ينتقل إلى البدل بلا خلاف .

ووجه بأن إيجاب بعض الرقبة مع صوم الشهرين ، جمع بين البدل والمبدل ، وصيام شهر مع عتق نصف الرقبة فيه تبعيض الكفارة ، وهو ممتنع ، وبأن الشارع قال { فمن لم يجد } وواجد بعض الرقبة لم يجد رقبة .

فلو قدر على البعض ، ولم يقدر على الصيام ولا الإطعام ، فثلاثة أوجه لابن القطان :

أحدها : يخرجه ويكفيه .

والثاني : يخرجه ويبقى الباقي في ذمته .

والثالث : لا يخرجه .

ومنها : القادر على صوم بعض يوم دون كله ، لا يلزمه إمساكه ، ومنها : إذا وجد الشفيع بعض ثمن الشقص ، لا يأخذ قسطه من الشقص .

ومنها : إذا أوصى بثلثه يشترى به رقبة ، فلم يف بها ، لا يشترى شقص .

ومنها : إذا اطلع على عيب ، ولم يتيسر له الرد ولا الإشهاد ، لا يلزمه التلفظ بالفسخ ، في الأصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية