صفحة جزء
ومن فروع القسم الرابع .

" الواطئ بشبهة فيه مهر المثل ; لإتلاف منفعة البضع دون الحد . منها : من قتل جاهلا بتحريم القتل ، فلا قصاص عليه .

ومنها : قتل الخطأ ، فيه الدية والكفارة دون القصاص .

ومن ذلك مسألة الوكيل : إذا اقتص بعد عفو موكله جاهلا فلا قصاص عليه على المنصوص ، وعليه الدية في ماله والكفارة ولا رجوع له على العافي ; لأنه محسن بالعفو وقيل لا دية ، وقيل هي على العاقلة ، وقيل يرجع على العافي ; لأنه غره بالعفو .

ونظير هذه المسألة : ما لو أذن الإمام للولي في قتل الجانية ، ثم علم حملها فرجع ولم يعلم الولي رجوعه فقتل ، فالضمان على الولي .

ومن ذلك : بعد أقسام مسألة الدهشة ولنلخصها فنقول : إذا قال مستحق اليمين للجاني : أخرجها ، فأخرج يساره فقطعت فله أحوال .

[ ص: 198 ] أحدها : أن يقصد إباحتها ، فهي مهدرة لا قصاص ولا دية سواء علم القاطع أنها اليسار وأنها لا تجزئ أو لا ; لأن صاحبها بذلها مجانا ; ولأن فعل الإخراج اقترن بقصد الإباحة فقام مقام النطق ، كتقديم الطعام إلى الضيف ; ولأن الفعل بعد السؤال والطلب ، كالإذن كما لو قال : ناولني يدك لأقطعها ، فأخرجها أو ناولني متاعك لألقيه في البحر فناوله ، فلا ضمان . نعم ، يعزر القاطع إذا علم ويبقى قصاص اليمين كما كان .

فإن قال : ظننت أنها تجزئ أو علمت أنها لا تجزئ ولكن جعلتها عوضا عنها سقط وعدل إلى دية اليمين لرضاه بسقوط قصاصها اكتفاء باليسار .

الحال الثاني : أن يقصد المخرج إجزاءها عن اليمين ، فيسأل المقتص ، فإن قال : ظننت أنه أباحها بالإخراج أو أنها اليمين ، أو علمت أنها اليسار ، وأنها لا تجزئ ولا تجعل بدلا ، فلا قصاص فيها في الصور الثلاث في الأصح لتسليط المخرج له عليها ، ولكن تجب ديتها ويبقى قصاص اليمين .

وإن قال : علمت أنها اليسار وظننت أنها تجزئ ، سقط قصاص اليمين وتجب لكل الدية على الآخر .

الحال الثالث : أن يقول : دهشت فأخرجت اليسار ، وظني أني أخرج اليمين فيسأل المقتص ، فإن قال ظننت أنه أباحها ، قال الرافعي : فقياس المذكور في الحال الثاني ، أن لا يجب القصاص في اليسار .

قال الأذرعي : وصرح به الكافي لوجود صورة البدل ، قال البلقيني هو السديد .

قال البغوي : تجب كمن قتل رجلا وقال ظننته أذن لي في القتل ; لأن الظنون البعيدة لا تدرأ القصاص .

وإن قال : ظننتها اليمين أو علمت أنها اليسار وظننتها تجزئ ، فلا قصاص في الأصح أما في الأولى ، فلأن الاشتباه فيهما قريب ، وأما في الثانية ، فلعذره بالظن .

وإن قال : علمت أنها اليسار وأنها لا تجزئ وجب القصاص في الأصح ; لأنه لم يوجد من المخرج بذل وتسليط .

وفي الصور كلها يبقى قصاص اليمين ، إلا في قوله : ظننت أن اليسار تجزئ .

وإن قال : دهشت أيضا ، لم يقبل منه ويجب القصاص ; لأن الدهشة لا تليق بحاله وإن قال : قطعتها عدوانا وجب أيضا .

وإن قال المخرج : لم أسمع أخرج يمينك وإنما وقع في سمعي يسارك .

أو قال : قصدت فعل شيء يختص بي أو كان مجنونا ، فهو كالمدهوش .

هذا تحرير أحكام هذه المسألة [ ص: 199 ] وفي نظيرها من الحد يجزئ ، ويسقط قطع اليمين بكل حال .

والفرق أن المقصود في الحد التنكيل ، وقد حصل ، والقصاص مبني على التماثل وأن الحدود مبنية على التخفيف ، وأن اليسار تقطع في السرقة في بعض الأحوال ، ولا تقطع في القصاص عن اليمين بحال .

التالي السابق


الخدمات العلمية