صفحة جزء
[ ص: 226 ] القول في أحكام العبد قال أبو حامد في الرونق : يفارق العبد الحر في خمسين مسألة : لا جهاد عليه ، ولا تجب عليه الجمعة ، ولا تنعقد به ، ولا حج عليه ، ولا عمرة إلا بالنذر ، وعورة الأمة كعورة الرجل ، ويجوز النظر إلى وجهها لغير محرم ، ولا يكون شاهدا ، ولا ترجمانا ولا قائفا ، ولا قاسما ، ولا خارصا ، ولا مقوما ، ولا كاتبا للحاكم ، ولا أمينا للحاكم ولا قاضيا ولا يقلد أمرا عاما ولا يملك ولا يطأ بالتسري ولا تجب عليه الزكاة إلا زكاة الفطر ، ولا يعطى في الحج في الكفارات مالا ، ولا يأخذ من الزكاة والكفارة شيئا إلا سهم المكاتبين ، ولا يصوم غير الفرض إلا بإذن سيده ، ولا يلزم سيده إقراره بالمال ، ولا يكون وليا في النكاح ، ولا في قصاص ، ولا حد ، ولا يرث ، ولا يورث ، وحده النصف من حد الحر ، ولا يرجم في الزنا . وتجب في إتلافه قيمته ، وما نقص منه بقيمة ، ولا يتحمل الدية ، ولا يتحمل عنه ، ولا تتحمل العاقلة قيمته ، ولا يتزوج بامرأتين ، سواء كانتا حرتين أم أمتين ، وطلاقه اثنتان .

وعدة الأمة قرءان ولا لعان بينها وبين سيدها في أحد القولين ، ولا ينفى في الزنا في أحد القولين ، ولا يقتل به الحر ، ولا من فيه بعض الحرية ، ولا يؤدى به فروض الكفارة ولا يتزوج بنفسه ويكره على التزويج ، وقسم الأمة على النصف من قسم الحرة ، ولا يحد قاذفه ، ولا يسهم له من الغنيمة ، ويأخذ اللقطة على حكم سيده ، ولا يكون وصيا ، ولا تصح كفالته إلا بإذن سيده ، ويجعل صداقا ويجعل نذرا ، ويكون رهنا . انتهى .

قلت : لقد جمع أبو حامد فأحسن ، وبقي عليه أشياء ، أذكرها بعد أن أتكلم على ما ذكره .

فقوله : ولا حج ، ولا عمرة إلا بالنذر ، فيه أمران : أحدهما : أنه لا يلزمه الحج والعمرة بغير طريق النذر وهو الإفساد ، إذا أحرم ثم جامع فإنه يلزمه القضاء على المذهب ، وبه قطع جماهير الأصحاب ; لأنه مكلف ، وهل يجزيه في حال رقه ؟ قولان أصحهما : نعم .

والأمر الثاني : إذا لزمه ذلك بالنذر ، فهل يصح منه في حال رقه ؟ قال الروياني : فيه وجهان . كما في قضاء الحجة التي أفسدها . كذا في شرح المهذب عنه .

وصرح في زوائد الروضة بتصحيح الإجزاء . وقوله : وعورة الأمة كعورة الرجل ، هو الأصح . وفي وجه : أنها كالحرة ، إلا الرأس ، وفي آخر : إلا الرأس والساق . وفي ثالث : إلا ما يبدو في حال الخدمة ، وهما المذكوران ، والرقبة ، والساعد .

[ ص: 227 ] وقوله : ويجوز النظر إلى وجهها ، هو وجه صححه الرافعي ، وصحح النووي أنها في ذلك كالحرة .

وقوله : ولا يكون شاهدا . استثني منه صورتان على رأي ضعيف .

الأولى : هلال رمضان إذا اكتفينا فيه بواحد . في جواز كونه عبدا وجهان أصحهما : المنع .

والثانية : إسماع القاضي الأصم إذا لم يشترط فيه العدد في جواز كون المسمع عبدا : وجهان ، كالهلال : أصحهما المنع .

وقوله : ولا قائفا ، هو الأصح وفيه وجه .

وقوله : ولا كاتبا لحاكم ، هو الصحيح . وقال القفال في شرح التخليص : يجوز كونه كاتبا ; لأن الكتابة لا يتعلق بها حكم ; لأن القاضي لا يمضي ما كتبه حتى يقف عليه ، والمعتمد إنما هو شهادة الشهود الذين يشهدون بما تضمنه المكتوب .

وقوله : ولا يملك ، هو الأظهر وفي قول قديم : أنه يملك بتمليك السيد ملكا ضعيفا . للسيد الرجوع فيه متى شاء وفي احتياجه إلى القبول وجهان ، بناء على إجباره في النكاح .

قال الرافعي : ولا يجري الخلاف في تمليك الأجنبي . وفي المطلب : أن جماعة أجروه فيه منهم القاضي حسين والماوردي .

وقوله : ولا تجب عليه الزكاة إلا زكاة الفطر إن أراد الوجوب بسببه ، فيجب فيه زكاة التجارة أيضا ، وإن أراد أن الوجوب يلاقيه ، وهو مبني على الخلاف في زكاة الفطر هل الوجوب يلاقي المؤدى عنه ثم يتحملها المؤدي ، أو لا ؟ فيه قولان : أصحهما الأول . قال : وتظهر فائدته فيما إذا لم يخرج السيد عنه ثم عتق ، هل يخرج ما مضى ؟

قوله : ولا يورث ، قد يستثنى منه مسألة وهو ما لو وجب له تعزير بقذف ومات ، فإن الأصح أن حقه ينتقل إلى سيده ; لأنها عقوبة وجبت بالقذف ، فلم تسقط بالموت كالحد . قال الأصحاب : وليس ذلك على سبيل الإرث ولكنه أخص الناس به .

فما ثبت له في حياته يكون لسيده بعد موته بحق المال وفي وجه : يستوفيه أقاربه ; لأن العار يعود عليهم .

وفي ثالث : يستوفيه السلطان ، كحر لا وارث له .

وفي رابع : يسقط فعلى هذا يفارق الحر .

قوله : ولا تتحمل العاقلة قيمته هو قول ، والأظهر خلافه وعلى الأول لا يجري فيه القسامة وتجري على الثاني .

وعجبت لأبي حامد ، كيف جزم بذلك القول ، ولم يذكر مسألة القسامة ؟ ، . قوله : وطلاقه ، اثنتان .

[ ص: 228 ] قوله : وعدة الأمة قرءان ، بقي عليه ذات الأشهر ولها شهر ونصف في الأظهر .

والثاني : شهران . والثالث : ثلاثة كالحرة ، والمتوفى عنها ولها شهران وخمسة أيام . قوله : ولا لعان بينها وبين سيدها في أحد القولين وهو الأظهر .

قوله : ولا ينفى في الزنا في أحد القولين ، والأظهر أنه ينفى نصف سنة ، وفي قول : سنة ، كالحر .

قوله : ويكره على التزويج هو في الأمة كذلك ، وفي العبد قول ، والأظهر أنه لا يجبر سواء كان كبيرا أو صغيرا .

قال ابن الرفعة : القياس أن إحرام السيد عن عبده كتزويجه .

قوله : ولا يسهم له من الغنيمة ، هذا إن كان في المقاتلة حر ، فإن كانوا كلهم عبيدا فأوجه ، أصحها يقسم بينهم أربعة أخماس ما غنموه كما يقسم الرضخ على ما يقتضيه الرأي من تسوية وتفضيل .

والثاني : يقسم كالغنيمة .

والثالث يرضخ لهم منه ويجعل الباقي لبيت المال .

قوله : ويأخذ اللقطة ، الأظهر أنه لا يصح التقاطه ولا يعتد بتعريفه .

قوله : ولا تصح كفالته إلا بإذن سيده كذلك ضمانه .

هذا ما يتعلق بما ذكره . وبقي عليه أنه لا يؤذن لجماعة ولا يحضرها إلا بإذن سيده ، ذكر الأول في شرح المهذب والثاني : القاضي حسين ، والحر أولى منه في الأذان كما في شرح المهذب .

والإمامة والجنازة ونذره للحج صحيح بلا إذن كما في الروضة وأصلها ، وللصلاة والصوم ، قال في الجواهر : ينبغي صحتها .

وللقرب المالية في الذمة . قال في الكفاية : كضمانه فيتوقف على الإذن ، ولا يصح منه بيع ولا غيره من العقود إلا بإذن السيد ولا يكون وكيلا في إيجاب النكاح ولا عاملا في الزكاة ، إلا إذا عين له الإمام قوما يأخذ منهم قدرا معينا وهل يعطى حينئذ من سهم العاملين ؟

وفي استحقاقه : سلب القتيل الذي يقتله وجهان : أصحهما نعم .

وفي قبول الوصية والهبة وتملك المباحات بلا إذن ، وجهان .

ولا جزية عليه ولا فطرة عن امرأته ، بل تجب على سيدها إن كانت أمة ، ونفقته نفقة المعسرين ولا تنكح الأمة إلا بشروط ولا على الحرة ولا تخدم وإن كانت جميلة في الأصح لنقص الرق .

فإذا نكحها العبد على الحرة ، ففي استحقاقها السبع والثلاث وجهان : أصحهما نعم [ ص: 229 ] كالحرة ; لأنه شرع لارتفاع الحشمة وحصول المباسطة ، وهو يتعلق بالطبع فلا يختلف بالرق والحرية .

ففي وجه : تستحق الشطر كالقسم ، وفي وجه يكمل المنكسر كالأقراء والطلاق والأشبه لا ; لأن التنصيف فيه ممكن .

ولا تصير الأمة فراشا . بمجرد الملك حتى توطأ ، وتصير الحرة فراشا بمجرد العقد . وإذا زوجها السيد استخدمها نهارا وسلمها للزوج ليلا ، ولا نفقة على الزوج حينئذ في الأصح ويسافر بها السيد بدون إذنه .

ويضمن العبد باليد ويقطع سارقه ويضمن منافعه بالفوات بخلاف الحر في الثلاث ويصح وقفه ، ولا يصح وقف الحر نفسه ، ولا تصح وصيته وقيل إن عتق ثم مات صحت .

ولا يصح الوقوف عليه . لنفسه ولا الإيصاء له ، ولا توطأ الأمة بمجرد الملك حتى تستبرأ وتوطأ الحرة بمجرد العقد ويحصل استبراؤها بوضع حمل زنا ولا يتصور انقضاء عدة الحرة بحمل زنا .

وتجب نفقة العبد والأمة وفطرتهما ، وإن عصيا وأبقا بخلاف الزوجة لأنها في الرقيق للملك ، وهو باق مع الإباق والعصيان . وفي الزوجة للاستمتاع وهو منتف مع النشوز ، ونفقة الزوجة مقدرة ولا تسقط بمضي الزمان ونفقة الرقيق للكفاية وتسقط بمضيه .

ويفضل بعض الإماء على بعض في النفقة والكسوة بخلاف الزوجات ، ولا حصر لمدد التسري ولا يجب لهن قسم ، ويجوز جمعهن في مسكن بغير رضاهن ، ولا يجري فيهن ظهار ولا إيلاء ولا تطالب سيدها العنين بوطء ولا تمنع منه إن كان به عيب ، ولا تجب نفقة الرقيق على قريبه ، ولا حضانة له ولا يحضنه أقاربه ، بل سيده ، ولا عقيقة له كما ذكره البلقيني تخريجا ، ولو كان أبوه غنيا ; لأنه لا نفقة له عليه وإنما يخاطب بالعقيقة من عليه النفقة ولا يسن للسيد أن يعق عن رقيقه وفي ذلك قلت ملغزا :


أيها السالك في الفقه على خير طريقه     هل لنا نجل غني
ليس فيه من عقيقه

ولا يسقط ضمان قتله أو قطعه بإذنه في ذلك . وفي سقوط القصاص بإذنه لمثله وجهان في الروضة بلا ترجيح . قال البلقيني أصحهما السقوط .

وفي اللباب : الجناية على العبد مثلها على الحر إلا في سبعة أشياء : لا يقتل به الحر ولا من فيه حرية . وتجب فيه القيمة بالغة ما بلغت ويعتبر نقصان أطرافه من ضمان نفسه ولا يختلف الذكر والأنثى وتجب في جنايته نقد البلد ولا تجري فيه القسامة . قلت : الأصح تجري فيه كما مر .

التالي السابق


الخدمات العلمية