صفحة جزء
القول في أحكام الأعمى قال أبو حامد في الرونق : يفارق الأعمى البصير في سبع مسائل :

لا جهاد عليه ، ولا يجتهد في القبلة ، ولا تجوز إمامته على رأي ضعيف ، ولا يصح بيعه ولا شراؤه ولا دية في عينيه ، ولا تقبل شهادته إلا في أربع مسائل : الترجمة والنسب وما تحمل وهو بصير وإذا أقر في أذنه رجل فتعلق به حتى شهد عليه عند الحاكم انتهى .

قلت : وبقي أشياء أخر : لا يلي الإمامة العظمى ولا القضاء ولا تجب عليه الجمعة ولا الحج إلا إن وجد قائدا .

قال القاضي الحسين في الجمعة إن أحسن المشي بالعصا من غير قائد لزمته . قال في الخادم وينبغي جريانه في الحج ، بل أولى لعدم تكرره ، ولا تصح إجارته ولا رهنه ولا هبته ولا مساقاته ولا قبضه ما ورث ، أو وهب له أو اشتراه سلما أو قبل العمى أو دينه . نعم يصح أن يشتري نفسه أو يؤجرها ; لأنه لا يجهلها أو أن يشتري ما رآه قبل العمى ولم يتغير ، ويحرم صيده برمي أو كلب في الأصح ، ولا يجزئ عتقه في الكفارة ، ويكره ذبحه وكونه مؤذنا راتبا وحده والبصير أولى منه بغسل الميت . ولا يكون محرما في المسافرة بقريبته ; ذكره العبادي في الزيادات .

وهل له حضانة ، قال ابن الرفعة : لم أر لأصحابنا فيه شيئا غير أن في كلام الإمام [ ص: 251 ] ما يؤخذ منه أن العمى مانع فإنه قال : إن حفظ الأم للولد الذي لا يستقل ليس مما يقبل ( القرائن ) فإن المولود في حركاته وسكناته لو لم يكن ملحوظا من مراقب لا يسهو ولا يغفل لأوشك أن يهلك . ومقتضى هذا أن العمى يمنع ، فإن الملاحظة معه كما وصف لا تتأتى .

قال الأذرعي في القوت ورأيت في فتاوى ابن البزري أنه سئل عن حضانة العمياء فقال : لم أر فيها مسطورا ، والذي أراه أنه يختلف باختلاف أحوالها فإن كانت ناهضة بحفظ الصغير وتدبيره والنهوض بمصلحته ، وأن تقيه من الأسواء والمضار فلها الحضانة وإلا فلا وأفتى قاضي قضاة حماة ، بأن العمى ليس بقادح في الحضانة بشرط أن يكون الحاضن قائما بمصالح المحضون ، إما بنفسه أو بمن يستعين به .

وفي فتاوى عبد الملك بن إبراهيم المقدسي الهمداني شارح المفتاح من أقران ابن الصباغ أنه لا حضانة لها ، قال الأذرعي ولعله أشبه ، وقد قلت قديما :

يخالف الأعمى غيره ، في مسائل فدونكها نظما ، وأفرغ لها فكرا     إمامته العظمى ، قضاء ، شهادة
وعقد ، وقبض منه ، أبطلهما طرا     سوى السلم التوكيل ، لا إنكاح عتقه
ولا يتحرى قط في القبلة الغرا     وكره أذان وحده ، وذكاته
وأولى اصطياد منه ، أو رميه حظرا     ولا جمعة ، أو حج ; إذ ليس قائد
ولا عتقه يجزي ، لفرض خلا النذرا     وليس له في نجله من حضانة
وفي غسل ميت غيره منه قل أحرى     ولا دية في عينه ، بل حكومة
ولا يكف في الأسفار مع امرأة خدرا     فهذا الذي استثني وقد زاد بعضهم
أمورا على رأي ضعيف فطب ذكرا



التالي السابق


الخدمات العلمية