صفحة جزء
ومن الفروع : ما قاله القاضي الحسين ، ونقله القمولي في الجواهر : أنه لو قنت في سنة الصبح ظانا أنه الصبح ، فسلم وبان . قال القاضي : يبطل لشكه في النية ، وإتيان أفعال الصلاة على الشك يقتضي البطلان .

قلت : ولا يخلو ذلك من نظر . ثم رأيت صاحب الكافي توقف فيه : قال : فإن غايته أنه أخطأ وسها . والخطأ في الصلاة لا يفسدها .

فرع :

لو دخل المسجد وقت الكراهة بقصد أن يصلي التحية كرهت له في الأصح .

ونظيره فيما ذكره النووي بحثا : أن يقرأ آية السجدة في الصلاة بقصد أن يسجد فعلى هذا إذا سجد بطلت الصلاة . ونازع في ذلك البلقيني وقال : لا ينهى في قراءة آية السجدة في الصلاة ليسجد . وذكر القاضي حسين أنه لا يستحب جمع آيات السجود وقراءتها دفعة واحدة من أجل السجود ، وذلك يقتضي جوازه . ومنعه الشيخ عز الدين بن عبد السلام . وأفتى ببطلان الصلاة .

ونظيره أيضا : ما لو أخر الفائتة ليصليها في وقت الكراهة فإنه يحرم ، وقاس عليه في المهمات : أن يؤخر قضاء الصوم ، ليوقعه يوم الشك .

ونظيره أيضا : من سلك الطريق الأبعد ، بقصد القصر لا غير ، لا يقصر في الأصح . ولو أحرم مع الإمام ، فلما قام إلى الثانية نوى مفارقته ، واقتدى بآخر قد ركع بقصد إسقاط الفاتحة قال الزركشي : فيحتمل أن لا تصح القدوة لذلك . قال : وليس هذا كمن سافر لقصد القصر والفطر ، فإن هذا قاصد أصل السفر ، وذاك قاصد في أثناء السفر .

ونظير هذا : أن يقصد بأصل الاقتداء تحمل الفاتحة وسجود السهو فإنه يحصل له ذلك . وقد قال النووي وابن الصلاح ، فيمن حلف ليطأن زوجته في نهار رمضان : الجواب فيها : ما قاله أبو حنيفة ، لسائل سأله عن ذلك : أنه يسافر .

فرع :

المنقطع عن الجماعة لعذر من أعذارها ، إذا كانت نيته حضورها لولا العذر يحصل له ثوابها ، كما اختاره في الكفاية ، ونقل عن التلخيص للروياني قال في المهمات ونقله في البحر عن القفال ، وارتضاه ، وجزم به الماوردي في الحاوي ، والغزالي في الخلاصة ، وهو الحق انتهى .

واختار السبكي : أن معتاد الجماعة إذا تركها لعذر يحصل له أجرها قال ابنه في التوشيح : هذا أبلغ من قول الروياني من وجه ، ودونه من وجه فأبلغ من أنه لم يشترط فيه القصد ، بل اكتفى بالعادة السابقة ، ودونه من جهة [ ص: 48 ] أنه اشترط فيه العادة ، وممن اختار ذلك البلقيني أيضا .

والمصحح في شرح المهذب : أنه لا يحصل له الأجر ولكن المختار الأول ، والأحاديث الصحيحة تدل لذلك . ونظيره : المعذور في ترك المبيت بمنى ، لا يلزمه دم ، ولو لا أنه نزل منزلة الحاضر لزمه الدم ، ويلزم من ذلك حصول الأجر له بلا شك .

وخرج البلقيني من ذلك : أن الواقف لو شرط المبيت في خانقاه ، مثلا ، فبات من شرط مبيته خارجها لعذر : من خوف على نفس ، أو زوجة ، أو مال ، أو نحوها لا يسقط من معلومه شيء ذكره في فتاويه . قال : وهو من القياس الحسن لم أسبق إليه .

ومن نظائر ذلك : من حضر الوقعة وهو صحيح ، فعرض له مرض لم يبطل حقه من الإسهام له ، سواء كان مرجو الزوال أم لا ، على الأصح ، ومن تحيز إلى فئة قريبة ليستنجد بها يشارك الجيش فيما غنموه بعد مفارقته .

التالي السابق


الخدمات العلمية