صفحة جزء
القول في الصريح والكناية والتعريض قال العلماء : الصريح : اللفظ الموضوع لمعنى لا يفهم منه غيره عند الإطلاق ويقابله : الكناية تنبيه اشتهر أن مأخذ الصراحة هل هو ورود الشرع به أو شهرة الاستعمال خلاف وقال السبكي : الذي أقوله : إنها مراتب :

أحدها : ما تكرر قرآنا وسنة مع الشياع عند العلماء والعامة فهو صريح قطعا كلفظ الطلاق .

الثانية : المنكر غير الشائع كلفظ الفراق : والسراح فيه خلاف .

الثالثة : الوارد غير الشائع كالافتداء وفيه خلاف أيضا .

الرابعة : وروده دون ورود الثالثة ولكنه شائع على لسان حملة الشرع كالخلع والمشهور : أنه صريح .

الخامسة : ما لم يرد ولم يشع عند العلماء ولكنه عند العامة مثل : حلال الله علي حرام والأصح : أنه كناية .

قاعدة الصريح : لا يحتاج إلى نية ، والكناية : لا تلزم إلا بنية أما الأول : فيستثنى منه ما في الروضة وأصلها : أنه لو قصد المكره إيقاع الطلاق فوجهان : [ ص: 294 ] أحدهما : لا يقع ; لأن اللفظ ساقط بالإكراه : والنية لا تعمل وحدها والأصح : يقع ، لقصده بلفظه . وعلى هذا فصريح لفظ الطلاق عند الإكراه : كناية إن نوى وقع ، وإلا فلا وأما الثاني : فاستثنى منه ابن القاص صورة ، وهي : ما إذا قيل له : طلقت ؟ فقال نعم فقيل : يلزمه وإن لم ينو طلاقا ، وقيل : يحتاج إلى نية . واعترض بأن مقتضاه : الاتفاق على أن " نعم " كناية ، وأن القولين في احتياجه إلى النية .

والمعروف : أن القولين في صراحته ، والأصح : أنه صريح ، فلم تسلم كناية عن الافتقار إلى النية . تنبيهات الأول : قد يشكل على قولهم " الصريح لا يحتاج إلى نية " قولهم " يشترط في وقوع الطلاق قصد حروف الطلاق بمعناه " وليس بمشكل ، فإن المراد في الكناية : قصد إيقاع الطلاق ، وفي الصريح قصد معنى اللفظ بحروفه ، لا الإيقاع ليخرج ما إذا سبق لسانه ، وما إذا نوى غير معنى الطلاق الذي هو قطع العصمة كالحل من وثاق . ويدخل ما إذا قصد المعنى ولم يقصد الإيقاع ، كالهازل .

الثاني : من المشكل ، قول المنهاج في الوقف : وقوله " تصدقت " فقط : ليس بصريح ، وإن نوى ، إلا أن يضيف إلى جهة عامة وينوي ، فإن ظاهره أن النية تصيره صريحا ، وهو عجيب ، فإنه ليس لنا صريح يحتاج إلى نية وعبارة المحرر : ولو نوى لم يحصل الوقف ، إلا أن يضيف ، وهي حسنة ، فإنه من الكنايات كما عده في الحاوي الصغير وعبارة الروضة والشرح نحو عبارة المحرر

الثالث : قال الرافعي في الإقرار : اللفظ ، وإن كان صريحا في التصديق فقد ينضم إليه قرائن تصرفه عن موضوعه إلى الاستهزاء ، والكذب كحركة الرأس الدالة على شدة التعجب والإنكار ، فيشبه أن لا تجعل إقرارا أو يجعل فيه خلاف لتعارض اللفظ والقرينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية