صفحة جزء
تذنيب فيما تقدم عند الاجتماع من غير الديون اجتمع محدث . وجنب . وحائض . وذو نجاسة . وميت ، وهناك ماء مباح . أو موصى [ ص: 336 ] به لأحوج الناس إليه ، ولا يكفي إلا أحدهم . قدم الميت على الجميع ; لأنه خاتمة أمره ، فخص بأكمل الطهارتين ; ولأن القصد من غسله تنظيفه ، ولا يحصل بالتراب . والقصد من طهارة الأحياء : استباحة الصلاة ، وهو حاصل بالتيمم . ويقدم بعده من عليه نجاسة ; لأنه لا بدل لطهارته ، ثم الحائض ; لأن حدثها أغلظ .

وفي وجه : يقدم الجنب عليها ; لأن غسله منصوص عليه في القرآن ، ولاختلاف الصحابة في صحة تيمم الجنب دونها . وفي وجه : يستويان ، فيقرع بينهما .

وقيل : يقسم ويقدم الجنب على المحدث إن لم يكف الماء واحدا منهما أو كفى كلا منهما أو كفى الجنب فقط ، وإن كفى المحدث فقط : قدم ، فإن كان معهم ظامئ ، قدم على الميت لبقاء الروح . اجتمع مغتسل لجمعة ، وغسل الميت فإن قلنا : غسل الجمعة آكد . قدم ، أو غسل الميت قدم . اجتمع حدث ، وطيب : وهو محرم ، فإن أمكن غسل الطيب بعد الوضوء ، فذاك وإلا قدم غسل الطيب ; لأنه لا بدل له ، والوضوء له بدل .

ولو كان نجاسة ، وطيب : قدمت النجاسة ; لأنها أغلظ ، وتبطل الصلاة بخلافه . اجتمع كسوف ، وجمعة . أو فرض آخر فإن خيف فوت الفرض قدم ; لأنه أهم وإلا قدم الكسوف في الأظهر ; لأنه يخشى فواته بالانجلاء ، ثم يخطب للجمعة متعرضا للكسوف : ثم يصلي الجمعة ، ولا يحتاج إلى أربع خطب . اجتمع عيد ، وكسوف ، وجنازة قدمت الجنازة ، خوفا من تغير الميت ، ولو اجتمع جمعة ، وجنازة ، فكذلك ، إن لم يضق الوقت ، فإن ضاق ، قدمت الجمعة ; لأنها فرض عين ، وقيل : الجنازة ; لأن للجمعة بدلا . اجتمع كسوف ، ووتر ، أو تراويح . قدم الكسوف مطلقا ، أو كسوف ، وعيد ، وخيف فوت العيد قدم ، وإلا فالكسوف . اجتمع في زكاة الفطر : رجل ، وزوجته ، وولده الصغير ، والكبير ، والأب ، والأم ، ولم يجد إلا بعض الصيعان ، ففي المسألة عشرة أوجه ، حكاها في شرح المهذب أصحها : تقديم نفسه ثم زوجته ثم ولده الصغير ثم الأب ثم الأم ثم ولده الكبير .

والثاني : يقدم الزوجة على نفسه ; لأن فطرتها تجب بحكم المعاوضة .

والثالث : يبدأ بنفسه ، ثم بمن شاء ، والرابع : يتخير [ ص: 337 ] والخامس : يخرجه موزعا على الجميع . والسادس : يخرجه عن أحدهم ، لا بعينه .

والسابع : يقدم الأم على الأب .

والثامن : يستويان ، فيخير بينهما .

والتاسع : يقدم الابن الكبير على الأبوين ; لأن النص ورد بنفقته ، والفطرة تتبعها .

والعاشر : يقدم الأقارب على الزوجة ; لأنه قادر على إزالة سبب الزوجية بالطلاق ، بخلاف القرابة ، ولو اجتمع المذكورون في النفقة ، قدموا على ما ذكر ، إلا أن الأم تقدم فيها على الأب ، في الأصح ; لأن النفقة شرعت لسد الخلة ، ودفع الحاجة ، والأم أكثر حاجة ، وأقل حيلة ، والفطرة لم تشرع لدفع ضرر المخرج عنه . بل لتشريفه ، وتطهيره .

والأب أحق بهذا ، فإنه منسوب إليه ، ويشرف بشرفه ، ولو اجتمع في الفطرة اثنان في مرتبة : تخير .

وقال الرافعي : ولم يتعرضوا للإقراع ، وله فيه مجال كنظائره اجتمع على رجل حدود ، فإن كانت لله تعالى ، قدم الأخف فالأخف ، فيقدم حد الشرب ، ثم جلد الزنا ، ثم قطع السرقة ، أو المحاربة ، ثم قتل الردة وإن كانت لآدمي فكذلك : فيقدم حد القذف ثم القطع ثم القتل ، فلو اجتمع مستحقا قطع ، أو قتل : قدم من سبقت جنايته ، فإن جهل ، أو جني عليهم معا أقرع . وإن اجتمع الصنفان ، قدم حد القذف على جلد الزنا ; لأنه حق آدمي ، وقيل : لأنه أخف . وينبني عليها : اجتماع حد الشرب والقذف ، فعلى الأصح : يقام القذف ، وعلى الثاني : الشرب . ويجريان في اجتماع القطع ، والقتل قصاصا مع جلد الزنا .

فعلى الأصح : يقدمان عليه ، ولو اجتمع قتل القصاص ، والردة ، والزنا قدم القصاص قطعا وقيل في الزنا : يقتل رجما بإذن الولي ، ليتأدى الحقان . ولو اجتمع قتل الزنا ، والردة ، لم يحضرني فيه نقل . والذي يظهر : أنه يرجم ; لأنه مقصودهما ، بخلاف ما لو قتل بالسيف ، فإنه محصل قتل الردة ، دون الزنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية