صفحة جزء
[ ص: 60 ] قاعدة :

الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم .

هذا مذهبنا ، وعند أبي حنيفة : الأصل فيها التحريم حتى يدل الدليل على الإباحة ، ويظهر أثر الخلاف في المسكوت عنه ، ويعضد الأول قوله صلى الله عليه وسلم { ما أحل الله فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا } أخرجه البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء بسند حسن

. وروى الطبراني أيضا من حديث أبي ثعلبة { إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها ، وحد حدودا فلا تعتدوها ، وسكت عن أشياء من غير نسيان ، فلا تبحثوا عنها } وفي لفظ { وسكت عن كثير من غير نسيان فلا تتكلفوها رحمة لكم فاقبلوها }

. وروى الترمذي وابن ماجه من حديث سلمان : " أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الجبن والسمن والفراء فقال : { الحلال ما أحل الله في كتابه ، والحرام ما حرم الله في كتابه ، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه } وللحديث طرق أخرى ويتخرج عن هذه كثير من المسائل المشكل حالها : منها :

الحيوان المشكل أمره ، وفيه وجهان : أصحهما الحل كما قال الرافعي ومنها : النبات المجهول تسميته قال المتولي يحرم أكله وخالفه النووي وقال الأقرب الموافق للمحكي عن الشافعي في التي قبلها الحل .

ومنها : إذا لم يعرف حال النهر هل هو مباح أو مملوك ؟ هل يجري عليه حكم الإباحة أو الملك ؟ حكى الماوردي فيه وجهين مبنيين على أن الأصل الإباحة أو الحظر .

ومنها : لو دخل حمام برجه وشك هل هو مباح أو مملوك ؟ فهو أولى به وله التصرف فيه ، جزم به في أصل الروضة لأن الأصل الإباحة .

ومنها : لو شك في كبر الضبة فالأصل الإباحة ، ذكره في شرح المهذب .

ومنها : مسألة الزرافة ، قال السبكي : المختار أكلها : لأن الأصل الإباحة ، وليس لها ناب كاسر ، فلا تشملها أدلة التحريم ، وأكثر الأصحاب لم يتعرضوا لها أصلا لا بحل ولا بحرمة ، وصرح بحلها في فتاوى القاضي الحسين والغزالي ، وتتمة القول وفروع ابن القطان وهو المنقول عن نص الإمام أحمد وجزم الشيخ في التنبيه بتحريمها ، ونقل في شرح المهذب الاتفاق عليه ، وبه قال أبو الخطاب من الحنابلة ولم يذكرها أحد من المالكية والحنفية وقواعدهم تقتضي حلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية