صفحة جزء
ما يشترط فيه العدد وما لا اتفقوا على قبول الواحد في نجاسة الماء ، ونحوه ، وفي دخول وقت الصلاة ، وفي الهدية والإذن في دخول الدار . ونقل ابن حزم : إجماع الأمة على قبول قول المرأة الواحدة في إهداء الزوجة لزوجها ليلة الزفاف ، مع أنه إخبار عن تعيين مباح جزئي لجزئي ، فكان مقتضاه : أن لا يقبل في مثله [ ص: 390 ] لكن اعتضد هذا بالقرينة المستمرة عادة : أن التدليس لا يدخل في مثل هذا ، ويبدل على الزوج غير زوجته .

وهذه فروع جرى فيها خلاف :

الأول : الشهادة ، ولا خلاف عندنا في اشتراط العدد فيها : إلا في هلال رمضان ، ففيه قولان أصحهما عدم اشتراطه ، وقبول الواحد فيه واختلف على هذا هل هو جار مجرى الشهادة ، أو الرواية ؟ قولان أصحهما : الأول وينبني عليهما قبول المرأة ، والعبد فيه ، والمستور ، والإتيان بلفظ الشهادة ، والاكتفاء فيه بالواحد عن الواحد . والأصح في الكل : مراعاة حكم الشهادة ، إلا في المستور . وحيث قبل الواحد ، فذلك في الصوم ، وصلاة التراويح دون حلول الآجال ، والتعليقات وانقضاء العدد ونظير ذلك : لو شهد واحد بإسلام ذمي مات ، قبل في وجوب الصلاة عليه على الأرجح دون إرث قريبه المسلم ، ومنع قريبه الكافر اتفاقا .

ونظيره أيضا : لو شهد بعد الغروب يوم الثلاثين برؤية الهلال ، الليلة الماضية لم تقبل هذه الشهادة ; إذ لا فائدة لها ، إلا تفويت صلاة العيد نعم : تقبل في الآجال ، والتعليقات ، ونحوها .

الثاني : الرواية والجمهور على عدم اشتراط العدد فيها ومنهم من شرط رواية اثنين ، وقيل أربعة . وقد ذكرت حجج ذلك ، وردها في شرح التقريب والتيسير مبسوطا الثالث : الخارص وفيه قولان : أصحهما : الاكتفاء بالواحد ، تشبيها بالحكم والثاني : غلب جانب الشهادة وفي وجه ثالث : إن خرص على محجور أو غائب شرط اثنان ، وإلا فلا وعلى الأول : الأصح : اشتراط حريته وذكورته ، كما في هلال رمضان .

[ ص: 391 ] الرابع : القاسم ، وفيه قولان لتردده أيضا بين الحاكم والشاهد ، والأصح : يكفي واحد الخامس المقوم : ويشترط فيه العدد بلا خلاف عندنا لأن التقويم شهادة محضة ، ومالك ألحقه بالحاكم السادس القائف وفيه خلاف لتردده بين الرواية والشهادة والأصح : الاكتفاء بالواحد تغليبا لشبه الرواية لأنه منتصب انتصابا عاما لإلحاق النسب السابع المترجم كلام الخصوم للقاضي ، والمذهب : اشتراط العدد فيه الثامن المسمع إذا كان القاضي أصم والأصح اشتراط العدد فيه والثاني : غلب جانب الرواية .

والثالث : إن كان الخصمان أصمين أيضا : اشترط وإلا فلا . وأما إسماع الخصوم كلام القاضي وما يقوله الخصم : فجزم القفال بأنه لا حاجة فيه إلى العدد وكأنه اعتبره رواية فقط .

التاسع : المعرف ، ذكر الرافعي في الوكالة فيما إذا ادعى الوكيل لموكله الغائب وهو غير معروف أن العبادي قال : لا بد وأن يعرف بالموكل شاهدان يعرفهما القاضي ، ويثق بهما . قال : هذه عبارة العبادي ، والذي قاله العراقيون : أنه لا بد من إقامة البينة على أن فلان بن فلان وكله .

وقال القاضي أبو سعد في شرح مختصر العبادي : يمكن أن يكتفي بمعرف واحد إذا كان موثوقا به ، كما ذكر الشيخ أبو محمد : أن تعريفه في تحمل الشهادة عليها يحصل بمعرف واحد لأنه إخبار وليس بشهادة . [ ص: 392 ]

العاشر : بعث الحكم عند الشقاق . هل يجوز أن يكون واحدا ؟ فيه وجهان اختار ابن كج : المنع ، لظاهر الآية .

قال الرافعي : ويشبه أن يقال : إن جعلناه تحكيما لم يشترط فيه العدد ، أو توكيلا فكذلك ، إلا في الخلع فيكون على الخلاف في تولي الواحد طرفي العقد .

الحادي عشر : اختلف المتبايعان في صفة هل هي عيب ؟ قال في التهذيب : يرجع إلى قول واحد من أهل الخبرة بأنه عيب يثبت به الرد . واعتبر صاحب التتمة شهادة اثنين ، لقوة شبهه بالشهادة ، كالتقويم .

ولو اختلف الزوجان في قرحة هل هي جذام ؟ أو في بياض هل هو برص ؟ اشترط فيه شهادة شاهدين عالمين بالطب . كذا جزم به في أصل الروضة ; في النكاح

الثاني عشر : في الرجوع إلى قول الطبيب ، وذلك في مواضع :

أحدها : في الماء المشمس على الوجه القائل بمراجعة أهل الطب . قال في البيان : إن قال طبيبان إنه يورث البرص كره ، وإلا فلا . قال في شرح المهذب : واشتراط طبيبين ضعيف ، بل يكفي واحد ، فإنه من باب الإخبار .

ثانيها : اعتماده في المرض المبيح للتيمم ، والذي قطع به الجمهور أنه يكفي قول طبيب واحد وفي وجه : لا بد من اثنين وفي . ثالث : يجوز اعتماد العبد والمرأة .

وفي رابع : والفاسق والمراهق وفي خامس : والكافر .

ثالثها : اعتماده في كون المرض مخوفا في الوصية . قال الرافعي : لا بد فيه من الإسلام والبلوغ والعدالة والحرية والعدد . قال : ولا يبعد جريان الخلاف الذي في التيمم هنا .

وقال النووي : المذهب الجزم باشتراط العدد وغيره لأنه يتعلق به حقوق آدميين [ ص: 393 ] من الورثة والموصى لهم فاشترط فيه شروط الشهادة لغيره بخلاف الوضوء فإنه حق الله وله بدل .

رابعها : اعتماده في أن المجنون ينفعه التزويج وكذا المجنونة . وعبارة الشرح والروضة تقتضي اشتراط العدد . وحيث قالا عند إشارة الأطباء . وفي موضع أرباب الطب وعبارة الشامل : إذا قال أهل الطب قال العلائي : ولم أجد أحدا تعرض للاكتفاء فيه بواحد ولا يبعد لأنه جار مجرى الإخبار .

التالي السابق


الخدمات العلمية