صفحة جزء
القول في الأحكام التعبدية منها : اختصاص الطهارة بالماء فيه رأيان أحدهما : أنه تعبدي لا يعقل معناه ، وعليه الإمام والكناني الثاني : أنه معلل باختصاص الماء بالرقة واللطافة والتفرد في جوهره وعدم التركيب وعليه الغزالي ومنها : اختصاص التعفير بالتراب .

قيل : إنه تعبدي وقيل معلل بالاستظهار وقيل : بالجمع بين الطهورين . ومنها : أسباب الحدث والجنابة تعبدية : لا يعقل معناه فلا يقبل القياس . قال بعضهم : ولولا أنها تعبدية ، لم يوجب المني - الذي هو طاهر عند أكثر العلماء - غسل كل البدن ويوجب البول والغائط اللذان هما نجسان بإجماع غسل بعضه .

ومنها : نصب الزكاة ومقاديرها ومنها تحريم الصلاة في الأوقات المكروهة قال البغوي : إنه تعبدي لا يدرك معناه ، وتعقب بأن في حديث مسلم الإشارة إلى المعنى حيث قال { : فإنها تطلع بين قرني شيطان } وحينئذ يسجد لها الكفار ، فأشعر بأن النهي لترك مشابهة الكفار وقد اعتبر ذلك الشرع في مواضع : منها : لو كمل وضوءه إلى إحدى الرجلين ، ثم غسلها وأدخلها الخف ، فإنه ينزع الأولى ، ثم يلبسها .

ومنها : إذا اصطاد ، وهو محرم ولم يرسله حتى حل ، ولا امتناع للصيد فإنه يرسله ، ثم يأخذه إذا شاء . ومنها : إذا كال المشتري الطعام ، ثم باعه في الصاع : لم يجز حتى يكيله ثانيا . ومنها : استحباب تسمية المهر في نكاح عبده بأمته ومنها : أكثر مسائل العدة والاستبراء .

ومنها : اختصاص عقد النكاح بلفظ التزويج والإنكاح [ ص: 407 ] ومنها : حرمة الإسراف في الماء وكراهته على النهر . ومنها : تحريم الصوم على الحائض . قال الإمام : لا يعقل معناه ; لأنه إن كان لعدم الطهارة فالطهارة ليست شرطا في الصوم بدليل صحة صوم الجنب ، وإن كان لكونه يضعفها ، فهذا لا يقتضي التحريم بل عدم الإيجاب بدليل ما لو تكلف المريض أو المسافر ، فصاما مع الإجهاد فإنه يصح .

ومنها : تحريم الذكاة بالسن والظفر قال ابن الصلاح : لم أجد بعد البحث أحدا ذكر لذلك معنى يعقل كأنه تعبدي عندهم . تذنيب قريب من ذلك ما شرع لسبب ، ثم زال ذلك السبب فاستمر . كالرمل فإنه شرع لمراءاة المشركين وقد زالت واستمر هو وقريب من هذا : إمرار موسى على رأس الأقرع تشبيها بالحالقين .

ونظيرها : إمراره على ذكر من ولد مختونا ، ذكره بعض شراح الحديث . ونظيره أيضا : إمرار السواك على فم من ذهبت أسنانه ; لحديث في ذلك ولم أر من تعرض له من الفقهاء .

خاتمة قال بعضهم : إذا عجز الفقيه عن تعليل الحكم قال : هذا تعبدي وإذا عجز عنه النحوي قال : هذا مسموع وإذا عجز عنه الحكيم قال : هذا بالخاصية .

التالي السابق


الخدمات العلمية