صفحة جزء
الثالثة : قال النووي : اعلم أن مراد أصحابنا بالشك في الماء والحدث والنجاسة والصلاة والعتق والطلاق وغيرها : هو التردد بين وجود الشيء وعدمه ، سواء كان الطرفان في التردد سواء أو أحدهما راجحا فهذا معناه في استعمال الفقهاء وكتب الفقه .

أما أصحاب الأصول : فإنهم فرقوا بين ذلك وقالوا : التردد إن كان على السواء فهو شك ، وإن كان أحدهما راجحا فالراجح ظن والمرجوح وهم .

ووقع للرافعي : أنه فرق بينهما في الحدث فقال : إنه يرفع بظن الطهر ، لا بالشك فيه وتبعه في الحاوي الصغير وقيل : إنه غلط معدود من أفراده قال ابن الرفعة : لم أره لغيره قال في المهمات : وفي الشامل إنما قلنا بنقض الوضوء بالنوم مضطجعا ; لأن الظاهر خروج الحدث فصدق أن يقال : رفعنا يقين الطهارة بظن الحدث بخلاف عكسه فكأن الرافعي أراد ما ذكره ابن الصباغ فانعكس عليه ولمجلي احتمال فيما إذا ظن الحدث بأسباب عارضة في تخريجه على قولي الأصل والغالب .

قال الزركشي : وما زعمه النووي من أنه في سائر الأبواب لا فرق فيه بين المساوي والراجح يرد عليه أنهم فرقوا في مواضع كثيرة .

منها : في الإيلاء لو قيد بمستبعد الحصول في الأربعة ، كنزول عيسى فمؤول ، وإن ظن حصوله قبلها فلا ، وإن شك فوجهان .

ومنها : شك في المذبوح ، هل فيه حياة مستقرة ، حرم للشك في المبيح . وإن غلب على ظنه بقاؤها حل .

ومنها : في الأكل من مال الغير إذا غلب على ظنه الرضا جاز ، وإن شك فلا .

ومنها : وجوب ركوب البحر في الحج إذا غلبت السلامة وإن شك فلا .

ومنها : المرض إذا غلب على ظنه كونه مخوفا ، نفذ التصرف من الثلث وإن شككنا في كونه مخوفا لم ينفذ إلا بقول أهل الخبرة .

ومنها : قال الرافعي في كتاب الاعتكاف : قولهم " لا يقع الطلاق بالشك " مسلم لكنه يقع بالظن الغالب انتهى .

[ ص: 76 ] ويشهد له لو قال : إن كنت حاملا فأنت طالق فإذا مضت ثلاثة أقراء من وقت التعليق وقع الطلاق ، مع أن الأقراء لا تفيد إلا الظن ولهذا أيد الإمام احتمالا بعدم الوقوع .

التالي السابق


الخدمات العلمية