صفحة جزء
إنما تعتبر العادة إذا اطردت ، فإن اضطربت فلا . وإن تعارضت الظنون في اعتبارها فخلاف .

قال الإمام ، في باب الأصول والثمار : كل ما يتضح فيه اطراد العادة ، فهو المحكم ، ومضمره كالمذكور صريحا ، وكل ما تعارض الظنون بعض التعارض في حكم العادة فيه فهو مثار الخلاف . انتهى .

وفي ذلك فروع : منها : باع شيئا بدراهم وأطلق ، نزل على النقد الغالب ، فلو اضطربت العادة في البلد وجب البيان ، وإلا يبطل البيع .

ومنها : غلبت المعاملة بجنس من العروض ، أو نوع منه انصرف الثمن إليه عند الإطلاق في الأصح . كالنقد .

ومنها : استأجر للخياطة ، والنسخ ، والكحل ، فالخيط ، والحبر ، والكحل على من ؟ خلاف ، صحح الرافعي في الشرح الرجوع فيه إلى العادة ، فإن اضطربت وجب البيان ، وإلا فتبطل الإجارة .

ومنها : البطالة في المدارس ، سئل عنها ابن الصلاح ، فأجاب بأن ما وقع منها في رمضان ونصف شعبان لا يمنع من الاستحقاق . حيث لا نص فيه من الواقف على اشتراط الاشتغال في المدة المذكورة ، وما يقع منها قبلهما يمنع لأنه ليس فيها عرف مستمر . ولا وجود لها قطعا في أكثر المدارس ، والأماكن فإن سبق بها عرف في بعض البلاد واشتهر غير مضطرب فيجري فيها في ذلك البلد الخلاف : في أن العرف الخاص هل ينزل في التأثير منزلة العرف العام .

والظاهر تنزيله في أهله بتلك المنزلة . انتهى .

ومنها : المدارس الموقوفة على درس الحديث ، ولا يعلم مراد الواقف فيها ، هل يدرس فيها علم الحديث ، الذي هو معرفة المصطلح كمختصر ابن الصلاح ، ونحوه ، أو يقرأ متن الحديثين ؟ كالبخاري ، ومسلم ، ونحوهما ، ويتكلم على ما في الحديث : من فقه ، وغريب ، ولغة ، ومشكل ، واختلاف . كما هو عرف الناس الآن ، وهو شرط المدرسة الشيخونية ، كما رأيته في شرط واقفها .

[ ص: 93 ] وقد سأل شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي عن ذلك فأجاب : بأن الظاهر اتباع شروط الواقفين ، فإنهم يختلفون في الشروط ، وكذلك اصطلاح أهل كل بلد ، والشام يلقون دروس الحديث ، كالشيخ المدرس في بعض الأوقات . بخلاف المصريين فإن العادة جرت بينهم في هذه الأعصار بالجمع بين الأمرين بحسب ما يقرأ فيه من الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية