صفحة جزء
( الفرق الرابع والتسعون بين قاعدة ما لا يكون الجهل عذرا فيه وبين قاعدة ما يكون الجهل عذرا فيه )

اعلم أن صاحب الشرع قد تسامح في جهالات في الشريعة فعفا عن مرتكبها ، وأخذ بجهالات [ ص: 150 ] فلم يعف عن مرتكبها وضابط ما يعفى عنه من الجهالات الجهل الذي يتعذر الاحتراز عنه عادة ، وما لا يتعذر الاحتراز عنه ، ولا يشق لم يعف عنه ولذلك صور أحدها من وطئ امرأة أجنبية بالليل يظنها امرأته أو جاريته عفي عنه ؛ لأن الفحص عن ذلك مما يشق على الناس

وثانيها من أكل طعاما نجسا يظنه طاهرا فهذا جهل يعفى عنه لما في تكرر الفحص عن ذلك من المشقة والكلفة .

وكذلك المياه النجسة والأشربة النجسة لا إثم على الجاهل بها

، وثالثها من شرب خمرا يظنه جلابا فإنه لا إثم عليه في جهله بذلك

ورابعها من قتل مسلما في صف الكفار يظنه حربيا فإنه لا إثم عليه في جهله به لتعذر الاحتراز عن ذلك في تلك الحالة ، ولو قتله في حالة السعة من غير كشف عن ذلك أثم

. وخامسها الحاكم يقضي بشهود الزور مع جهله بحالهم لا إثم عليه في ذلك لتعذر الاحتراز من ذلك عليه ، وقس على ذلك ما ورد عليك من هذا النحو وما عداه فمكلف به ومن أقدم مع الجهل فقد أثم خصوصا في الاعتقادات فإن صاحب الشرع قد شدد في عقائد أصول الدين تشديدا عظيما بحيث إن الإنسان لو بذل جهده واستفرغ وسعه في رفع الجهل عنه في صفة من صفات الله تعالى أو في شيء يجب اعتقاده من أصول الديانات ، ولم يرتفع ذلك الجهل فإنه آثم كافر بترك ذلك الاعتقاد الذي هو من جملة الإيمان ويخلد في النيران على المشهور [ ص: 151 ] من المذاهب مع أنه قد أوصل الاجتهاد حده .

وصار الجهل له ضروريا لا يمكنه دفعه عن نفسه ، ومع ذلك فلم يعذر به حتى صارت هذه الصورة فيما يعتقد أنها من باب تكليف ما لا يطاق فإن تكليف المرأة البلهاء المفسودة المزاج الناشئة في الأقاليم المنحرفة عما يوجب استقامة العقل كأقاصي بلاد السودان وأقاصي بلاد الأتراك فإن هذه الأقاليم لا يكون للعقل فيها كبير رونق ، ولذلك قال الله تعالى في بلاد الأتراك عند يأجوج ومأجوج { وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا } ومن لا يفهم القول وبعدت أهليته لهذه الغاية مع أنه مكلف بأدلة الوحدانية ودقائق أصول الدين أنه تكليف ما لا يطاق ، فتكليف هذا الجنس كله من هذا النوع مع أنهم من أهل اليأس بسبب الكفران وقعوا للجهل .

وأما الفروع دون الأصول فقد عفا صاحب الشرع عن ذلك ، ومن بذل جهده في الفروع فأخطأ فله أجر ومن أصاب فله أجران كما جاء في الحديث قال العلماء : ويلحق بأصول الدين أصول الفقه قال أبو الحسين في كتاب المعتمد في أصول الفقه إن أصول الفقه اختص بثلاثة أحكام عن الفقه أن المصيب فيه واحد والمخطئ فيه آثم ، ولا يجوز التقليد فيه وهذه الثلاثة التي حكاها هي في أصول الدين بعينها فظهر لك الفرق بين قاعدة ما يكون الجهل فيه عذرا وبين قاعدة ما لا يكون الجهل فيه عذرا .


حاشية ابن الشاط

قال ( الفرق الرابع والتسعون بين قاعدة ما لا يكون الجهل عذرا فيه ، وبين قاعدة ما يكون الجهل عذرا فيه إلى آخره ) قلت : ما قاله فيه صحيح غير إطلاقه لفظ الظن في وطء الأجنبية وما معه فإنه إن أراد حقيقة الظن الذي يخطر لصاحبه احتمال نقيضه فلا أرى ذلك صوابا ، وإن أراد بالظن الاعتقاد الجزمي الذي لا يخطر معه احتمال النقيض فذلك صواب وغير قوله تكليف المرأة البلهاء المفسودة المزاج فإنه إن أراد الفاسدة المزاج بحيث لا تفقه شيئا فلا أرى ذلك صوابا فإن مثل هذه لا تكليف عليها [ ص: 150 ] وإن أراد أنها تفقه ولكن بعد تعب ومشقة شديدة فذلك صواب مع أن قوله : المفسودة المزاج فاسد ، وصوابه الفاسدة المزاج وغير ما أطلق القول فيه من أن أصول الفقه ملحقة بأصول الدين في أن المصيب واحد والمخطئ آثم فإن المسألة مختلف فيها والمتقدمون من الأصوليين على التخطئة والتأثيم والمتأخرون على خلاف ذلك .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

[ ص: 151 ] الفرق الرابع والتسعون بين قاعدة ما لا يكون الجهل عذرا فيه وبين قاعدة ما يكون الجهل عذرا فيه ) .

اعلم أن الجهل نوعان :

النوع الأول جهل تسامح صاحب الشرع عنه في الشريعة فعفا عن مرتكبه ، وضابطه أن كل ما يتعذر الاحتراز عنه عادة فهو معفو عنه ، وله صور إحداها من وطئ امرأة أجنبية بالليل يظنها امرأته أو جاريته عفي عنه ؛ لأن الفحص عن ذلك مما يشق على الناس . الصورة الثانية الجهل بنجاسة الأطعمة والمياه والأشربة يعفى عنه لما في تكرر الفحص عن ذلك من المشقة والكلفة فالجاهل المستعمل لشيء منها لا إثم عليه بذلك . الصورة الثالثة لا إثم على من شرب خمرا يظنه جلابا في جهله به لمشقة فحصه عنه . الصورة الرابعة لا إثم على من قتل مسلما في صف الكفار يظنه حربيا في جهله به لتعذر الاحتراز عن ذلك في تلك الحالة . الصورة الخامسة لا إثم على الحاكم يقضي بشهود الزور جاهلا بحالهم لتعذر الاحتراز من ذلك عليه . الصورة السادسة قال الحطاب عند قوله عاطفا على ما يبطل الشهادة أو شهد وحلف ما نصه قال ابن عبد السلام : إلا أن يكون الشاهد من جهلة العوام فإنهم يتسامحون في مثل ذلك فينبغي عندي أن يعذروا به ا هـ .

النوع الثاني جهل لم يتسامح صاحب الشرع عنه في الشريعة فلم يعف عن مرتكبه ، وضابطه أن كل ما لا يتعذر الاحتراز عنه ، ولا يشق لم يعف عنه وهذا النوع يطرد في أصول الدين وأصول الفقه وفي بعض أنواع من الفروع ، أما أصول الدين فلأن صاحب الشرع لما شدد في جميع الاعتقادات تشديدا عظيما بحيث إن الإنسان لو بذل جهده ، واستفرغ وسعه في رفع الجهل عنه في صفة من صفات الله أو في شيء يجب اعتقاده من أصول الديانات ، ولم يرتفع ذلك الجهل لكان بترك ذلك الاعتقاد آثما كافرا يخلد في النيران على المشهور من المذاهب مع أنه قد أوصل الاجتهاد حده ، وصار الجهل له ضروريا لا يمكنه رفعه عن نفسه حتى صارت هذه الصورة فيما يعتقد أنها من باب تكليف ما لا يطاق ، وبحيث إنه يكلف بأدلة الوحدانية ودقائق أصول الدين نحو المرأة البلهاء المفسودة المزاج الناشئة في الأقاليم المنحرفة عما يوجب استقامة العقل كأقاصي بلاد السودان وأقاصي بلاد الأتراك ، فإن هذه الأقاليم لا يكون للعقل فيها كبير رونق ، ولذلك قال الله تعالى في بلاد الأتراك عند يأجوج ومأجوج { وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا } حتى صار تكليف من لا يفهم القول ، وبعدت أهليته لهذه الغاية بذلك من باب تكليف ما لا يطاق لما اختصه الشرع بثلاثة أحكام عن الفقه أحدها أن المصيب واحد ، وثانيها أن المخطئ فيه آثم ، وثالثها لا يجوز التقليد فيه .

وأما أصول الفقه فقال العلماء يلحق بأصول الدين قال أبو الحسين في كتاب المعتمد في أصول الفقه إن أصول الفقه اختص بثلاثة أحكام عن الفقه أن المصيب فيه واحد والمخطئ فيه آثم ، ولا يجوز التقليد فيه ، وأما بعض [ ص: 164 ] أنواع الفروع فأحدها نوع العبادات لما مر عن العلامة الأمير من أن القاعدة أن الجاهل فيها كالعامد ، وذلك أنه قال عند قول بهرام وذاك كثير في الوضوء ومثله بفرض صلاة ثم حج تحصلا ما نصه أطلق في التوضيح الثلاث فلم يقيدها بالفرض ، والمشهور إطلاق العبادة فتشمل الصوم والعمرة .

وقال عند قوله وواطئ :

    رهين اعتكاف بالشريعة جاهلا

من وطئ في اعتكافه جهلا فسد اعتكافه ، ولا يعذر بجهله وظاهره سواء جهل الحرمة أو جهل أنه مفسد ، ثم قال إن الاعتكاف من العبادات ، والقاعدة أن الجاهل فيها كالعامد ، ولا مفهوم للوطء بل كل ما يفسد به الاعتكاف كذلك كالخروج جهلا والفطر جهلا إلى غير ذلك ، وقال عند قوله

وكل زكاة من دفعها لكافر     وغير فقير ضامن تلك مسجلا

.

من دفع الزكاة لغير مستحق جهلا لم يعذر ولا مفهوم للكافر وغير الفقير كما هو مصرح به في المختصر وشروحه وهذا في اجتهاد بها أما بدفع الإمام أو نائبه فتجزئ ، ويأتي هنا ما سبق في الاعتكاف ، وهذا أسهل لشائبة المعاملة ا هـ .

وثانيها نوع العقود قال الأمير عند قوله

ويفسخ بيع فاسد مطلقا ولا     يسامح فيه من عن الحق عولا

البيع الفاسد يفسخ ، ولا يعذر فيه بالجهل ولا خصوصية في البيع كما يظهر ، بل كذلك غيره كالنكاح مثلا لأن العبرة في صحة العقد بموافقة الشرع في الواقع ونفس الأمر لا في ظن العاقد فقط كما يفيده العلامة القاسمي علي المحلي وغيره . ا هـ .

ثالثها نوع مسقط للشفعة قال الأمير : عند قوله ومن قام بعد العام يشفع حاضرا     مع العلم بالمبتاع والبيع أولا
. ما حاصله أنه لا شفعة لشريك علم البيع وسكت سنة لا أقل ، ولو كتب شهادته وما لابن رشد من أن الكتابة تسقط الشفعة بشهرين ضعيف ، وإن جنح له في المختصر بل في الخرشي وعبق عن المدونة أنه لا بد من شهرين زيادة على السنة ، وقرره شيخنا ولا يعذر بدعواه الجهل لا بأن ذلك مسقط للشفعة ولا بأن الشفعة واجبة وفي عبق والخرشي أن أبا الحسن والحطاب عن ابن كوثر والتتائي عن الذخيرة عن ابن عتاب ذكروا أن شراء الشفيع الشقص من المشتري يسقط الشفعة ، ولا يعذر بالجهل ولو كان امرأة بل مقتضى أن المذهب أن الشفعة لا يعذر فيها بالجهل جريان ذلك في بقية المسقطات من الاستئجار والمقاسمة وبيع حصة نفسه ، ثم فائدة سقوط الشفعة بالشراء يظهرها اختلاف الثمنين ا هـ .

ورابعها نوع العيب المانع من إجزاء عتق الرقبة في الكفارات قال الأمير عند قوله ومن يعتق الشخص الكفور لجهله     فلا يجزي في كفارة وتبتلا
في التوضيح قال أصبغ فيمن اشترى نصرانية فأعتقها في الكفارة أنها لا تجزيه ، ولا يعذر بجهل . ا هـ

وظاهره جهل الحكم أو أنها كافرة ثم لا مفهوم للكفر بل كذلك للعيوب المانعة من الإجزاء ولا يعذر فيها بجهل كما يفيده قول الخرشي في الظهار إذا اطلع بعد العتق على عيب يمنع الإجزاء استعان بأرشه في رقبة أخرى ، وقوله وتبتلا أي ثم عتقه وإن لم يجز ا هـ . وخامسها نوع بيع الخيار قال الأمير عند قوله [ ص: 165 ]

وبائع عبد بالخيار يروم أن     يرد وقد ولى الزمان به ولا

بيع الخيار يلزم واضع اليد بمضي المدة فلا يعذر بالجهل ولا معنى لتخصيص العبد بذلك ، بل كل بيع بالخيار كما صرح به المختصر وشروحه ا هـ .

ولا يطرد هذا النوع من الجهل فيما عدا هذه الأنواع الخمس من الفروع بل هو في مسائل ذكرها العمدة الشيخ خليل في توضيحه ، ونظمها الشيخ بهرام في أربع وأربعين بيتا ، وشرحها العلامة الأمير ونقحها في . ثلاث وثلاثين مسألة المسألة الأولى صمت البكر وضحكها رضا بالنسبة للإذن في العقد وفي تعيين الصداق والزوج ولا تعذر بدعواها الجهل بأن ذلك يعد رضا ، ولو عرفت بالبله على المعتمد خلافا لعبد الحميد الصائغ ، وإن كان كلامه وجيها ، ولذلك روعي حقها ابتداء بندب إعلامها بأن ذلك يعد رضا ، ويكفي في الندب مرة ولابن شعبان ثلاثا وقال : الأقل تعذر بالجهل والظاهر أنه مبني على وجوب الإعلام .

قال في كتاب محمد والبكاء أيضا رضا لاحتمال أن تكون بكت على فقد أبيها ، وتقول في نفسها لو كان أبي حيا لما احتجت لذلك ، وانظر أيضا لو جهلت حكم أن ذلك رضا ا هـ وأما الثيب وكذا السبعة الأبكار ففي قول خليل والثيب تعرب كبكر رشدت أو عضلت أو زوجت بعرض أي ممن لا يزوج به أو برق أو بذي عيب أو يتيمة أو أفتيت عليها ا هـ .

يعني أنهن في تعيين الزوج والصداق لا بد من نطقهن ، وأما الإذن للولي في العقد فهل كذلك إذا غبن عن مجلس العقد ، وهو مذهب ابن القاسم أو يكفي فيه الصمت ولو غبن ، وهو قول ابن حبيب وعليه اقتصر الأمير حيث قال الثيب تساوي البكر في أن الصمت رضا بالنسبة للإذن في العقد لا في تعيين الصداق والزوج فتعرب الثيب ، وانظر لو جهلت حكم الصمت هل يجري فيها ما جرى في البكر كما هو الظاهر ا هـ انظر المختصر وشروحه .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثانية

من عقد لها غير مجبرة بلا إذنها فلها إمضاؤه بالقول حيث قرب واليوم بعد ، وكان بالبلد ولم تره قبل ، ولم يجبر الولي بتعديه حال العقد ولم يفتت على الزوج أيضا ، ولها رد العقد ما لم تمكن من الجماع ، وإلا كان رضا ولا ينفعها دعوى الجهل بكون الجماع رضا فقولهم المفتات عليها لا بد من إذنها بصريح القول حصر إضافي بالنسبة لنحو الصمت ، وأما التمكين فهو أقوى من القول ولا فرق في هذا بين بكر وثيب فافهم .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثالثة : من أكل مال يتيم جهلا ضمنه ولا يعذر بجهله كذا في التوضيح قال الأمير وانظر ما معنى تخصيص اليتيم فإن من أكل مال شخص مطلقا جاهلا ضمنه ، وذلك أولى من الخطأ الذي هو والعمد في أموال الناس سواء إلا أن يفرض في الغلة فإنها لذي الشبهة فيستثنى منه غلة مال اليتيم ، لكن الذي رأيناه استثناء غلة الوقف في بعض صوره فقط فيحرر ذلك .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الرابعة من قذف حرا جاهلا بحريته حد ولا يعذر بالجهل سواء كان القذف في زنا أو نسب قال الأمير واقتصر على هذا الفرع في التوضيح ولم يذكر جهله بإسلامه أو بلوغه أو عتقه أو عقله ، والظاهر أنه كذلك ا هـ .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الخامسة إذا أطلق الزوج تمليك الزوجة أو تخييرها وانقضى مجلس يتروى في مثله فقول مالك الأول أنه يسقط ما بيدها ولا تعذر بجهل ، وقوله الآخر ببقاء ما بيدها ما لم توقف أو توطأ ، وذكره في المختصر وهو ضعيف ؛ لأن مالكا رجع [ ص: 166 ] للأول وأخذ به ابن القاسم وبه العمل فإن عين الزوج شيئا عمل به أو قال متى شئت لم يسقط بالمجلس أمير .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة السادسة الطبيب بحسب زعمه لا يعذر بجهله لكنه إن تعمد الضرر اقتص منه وإن قصد النفع فضر ضمن في ماله ولا شيء على عاقلته كما في عبق .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة السابعة المفتي لا يعذر بجهل في فتواه ويضمن ما أفسد بها

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثامنة قال في التوضيح من أثبتت أن زوجها يضربها فتلوم لها الحاكم ، ثم أحضره ليطلق عليه فادعى أنه وطئها سقط حقها ولو ادعت الجهل أي صدقت على الوطء ، وجهلت أنه مسقط

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة التاسعة إذا زنى العبد أو شرب الخمر أو قذف جاهلا بالعتق حد كالحر . المسألة العاشرة أن يشتري من يعتق عليه وهو الأصل والفصل وقريب الحواشي جاهلا فيعتق عليه سواء جهل القرابة أو الحكم ، والظاهر أن مثل ذلك إن قال له إن اشتريتك فأنت حر فاشتراه جاهلا بأنه هو حيث أطلق في يمينه .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الحادية عشرة من توجه له على أبيه أو أمه دنية حد أو يمين فاستوفى ما ذكر جاهلا بأن ذلك مفسق بطلت شهادته ، ولا يعذر بجهل أما لو فرض أنه جهل الأبوة فيعذر .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثانية عشرة في التوضيح من يقطع الدنانير والدراهم لا تجوز شهادته ولو كان جاهلا ا هـ وقد صرحوا في باب الزكاة بحرمة كسر المسكوك لغير سبك أي ما لم يكن مغشوشا فيكسر .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثالثة عشرة في المختصر في محض حق الله تعالى تجب المبادرة أي بأداء الشهادة ورفعها للحاكم بالإمكان إن استديم تحريم كعتق وطلاق ووقف ورضاع فإن لم يفعلا ردت شهادتهما ولا عذر بجهل ، قال ابن رشد الشهادة بما يستدام تحريمه تبطل بترك رفعه إلى السلطان الأعلى ظاهر قول أشهب ا هـ وضابط حق الله كما في شروح المختصر ، وقد مر كل ما ليس للمخلوق إسقاطه .

قال ابن عبد السلام إن كان هناك غيره ممن يتم الحكم بشهادته فإنه يستحب له المبادرة تحصيلا لفرض الكفاية فإن أبى غيره أو منعه من ذلك مانع تعين عليه القيام وفي التوضيح قيد ابن شاس الوقف بأن يكون على غير معينين ، أي ويأكله غير الواقف وأطلق القول فيه الباجي وابن رشد ا هـ .

قال البناني وعلى ما لابن شاس اقتصر عبق وفصل بعض المحققين في الوقت لمعين قائلا إن كان الواقف بذله أولا ، ولكن جعله لمعين فالحق في هذا حق الله ؛ لأن ذلك المعين إذا لم يقبله رجع للفقراء والمساكين لا للواقف أو ورثته .

وأما إذا كان من أول وهلة على معين من غير تبتيل له أولا كأن يجعله حبسا بشرط أن يكون على فلان فهو حق آدمي ؛ لأنه إذا لم يقبله هنا رد لمالكه أو لورثته ا هـ .

قال الخطاب وفي كون العتق وما عطف عليه من محض حق الله تعالى عندي نظر ا هـ قال عبق أما عدم تمحض الثلاثة الأول فلأن العبد له حق في العتق بتخليص رقبته من الرق والمرأة في تخليص عصمتها من الزوج والموقوف عليهم في استحقاقهم فيه تتمحض هذه الثلاثة عن حق الآدمي كرضا العبد بخدمته كخدمة من يعتق والمرأة ببقائها تحته والموقوف عليه بتركه ما يستحقه من الوقف ، أي فيحرم ويجب الرفع ، وأما الرضاع فظاهر تمحضه لله قاله بعض المحشين .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة السابعة عشرة

من سرق ثوبا لا يساوي ربع دينار وفيه ربع دينار كما في التوضيح قال [ ص: 167 ] الأمير وهذا فرض . مثال : قال في المختصر أو ظن أي : ربع الدينار أو ثلاثة الدراهم فلوسا أو الثوب فارغا ، وقيده بما إذا كان مثله يرفع فيه نصاب لا إن كان خلقا ، ولا إن سرق خشبة أو حجرا يظنه فارغا فإذا فيه نصاب فلا يقطع ؛ لأن ذلك لا يجعل فيه ذلك إلا أن تكون قيمة تلك الخشبة تساوي نصابا فيقطع في قيمتها دون ما فيها .

قال والعصا المفضضة لا تساوي ذاتها نصابا إن سرقت ليلا أو من محل مظلم فلا قطع ا هـ . .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الخامسة عشرة قال في التوضيح إذا وطئ المرتهن الأمة المرتهنة فإنه يحد ولا يعذر بجهالة قال الأمير أي ؛ لأن شبهة الارتهان ضعيفة فلا تمنع الحد . قال عبق أما إذا أذن له الراهن فلا حد ؛ لأنها صارت حينئذ أمة محللة وفي وطئها الأدب ، والظاهر أنه لا يعذر فيه أيضا ا هـ .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة السادسة عشرة قال في التوضيح المرتهن يرد الرهن فتبطل الحيازة ولا يعذر بالجهل ا هـ .

قال الأمير أي إذا رده اختيارا ، وإلا فله أخذه متى قدر ومعنى بطلان الحيازة أن الرهن يبطل بمفوت كعتق أو قيام غرماء فإن لم يحصل مفوت فله رده بعد أن يحلف أنه جهل إبطال الجواز بذلك حيث أشبه كما نقله شراح المختصر عن اللخمي ا هـ .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة السابعة عشرة قال في التوضيح البدوي يقر بالزنا والشرب ، ويقول فعلت ذلك جهلا ا هـ قال الأمير والبدوي نص على المتوهم ؛ لأن شأنه الجهل ، ومثله حديث عهد بالإسلام ولا فرق بين جهل الحد والحرمة ، وأما جهل العين بأن يظنها امرأته والخمر عسلا فعذر حيث أشبه ذلك وفي المختصر عذره بجهل الحكم في الزنا غير الواضح إن جهل مثله ، وفرق عبق بينه وبين الشرب أولا بأن الشرب أكثر وقوعا من غيره ، وثانيا بأن مفاسده أشد من مفاسد الزنا إذ ربما حصل بالشرب زنا وسرقة وقتل ولذا ورد أنها أم الخبائث ، وثالثا بأن حرمة الزنا ووجوب الحد فيه من الواضح الذي لا يجهل بخلاف الزنا فإن فيه واضحا وغيره .

قال لكنه خلاف ظاهر قول مالك ، وقد ظهر الإسلام وفشا فلا يعذر جاهل في شيء من الحدود ا هـ وتناول قول مالك هذا القذف والسرقة ا هـ .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثامنة عشرة قال الأمير الأمة المعتقة إذا وطئها بعد عتقها أو مكنته من المقدمات وأولى إن حاولت هي منه ذلك سقط خيارها ، ولا تعذر بدعواها الجهل بأصل التخيير أو بأن ذلك مسقط ، ومثل الجهل النسيان والمشهور ولو لم يشتهر الحكم عند الناس ، وعذر البغداديون حديثة العهد بالجهل ، واختاره بعض المتأخرين قال ، وإنما تكلم مالك على من اشتهر عندهم الحكم ، ولم يخف على أحد كأهل المدينة ومما لم تعذر فيه بالجهل أيضا قول ابن عرفة روى محمد أن بيع زوجها قبل عتقها بأرض غربة فظنت أن ذلك طلاق ، ثم عتقت ولم تختر نفسها حتى عتق زوجها فلا خيار لها ، ويدخل في قول المختصر في مسقطات الخيار أو عتق قبل الاختيار وتعذر بجهل العتق ولها على الزوج الأكثر من المسمى وصداق المثل حيث كان قبل البناء ويؤدب إن وطئها عالما بالعتق والحكم ولا تعذر بنسيان العتق .

قال عبق لما عند الناس من زيادة التفريط على الجاهل ا هـ بتصرف للإصلاح .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة التاسعة عشرة قال في التوضيح المرأة يغيب عنها زوجها فتنفق من ماله ثم يأتي نعيه فترد ما أنفقت من يوم الوفاة .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة العشرون قال الأمير من رأى حمل زوجته فأخر اللعان بلا [ ص: 168 ] عذر فليس له نفيه ولا يعذر بجهل ، وليس من العذر تأخيره خيفة أن يكون انتفاخا فينفش ، وأما اللعان لرؤيتها تزني فلا يسقط بالتأخير نعم يسقطان بالوطء والظاهر أنه لا يعذر فيه بجهل ، وكلامهم يقتضي أن المقدمات لا تسقط .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الحادية والعشرون قال في التوضيح المطلقة يراجعها زوجها فتسكت حتى يطأها زوجها ثم تدعي أن عدتها كانت انقضت ، وتدعي الجهل في سكوتها ا هـ .

وليس الوطء شرطا لما في المختصر إذا أشهد برجعتها فصمتت ثم قالت بعد يوم أو بعضه كما في عبق عن المدونة كانت انقضت لم يقبل قولها ؛ لأن سكوتها دليل كذبها ا هـ أمير .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثانية والعشرون قال في التوضيح الرجل يباع عليه ماله ويقبضه المشتري وهو حاضر لا يغير ولا ينكر ، ثم يقوم ويدعي أنه لم يرض ويدعي الجهل ا هـ .

قال الأمير أي فيلزمه البيع وله الثمن ما لم تمض سنة ، والغائب له الرد ما لم تمض سنة فالثمن ما لم تمض ثلاث هذا حاصل ما قرره لنا شيخنا العلامة العدوي قال عبق والمعتمد حرمة بيع الفضولي وشرائه كما قال القرافي أنه المشهور لا جوازه ولا ندبه . قال الحطاب والحق أنه يختلف بحسب المقاصد ، وما يعلم من حال المالك أنه الأصلح ا هـ كلام عبق .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثالثة والعشرون قال في التوضيح من حاز مال رجل مدة الحيازة التي تكون عاملة وادعى أنه ابتاعه منه فإنه يصدق مع يمينه ، ولا يعذر صاحب المال إن ادعى الجهل ا هـ قال الأمير : وتفصيل مدة الحوز مذكورة في المختصر وشروحه ، وليس التطويل له من مهمنا الآن .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الرابعة والعشرون قال في التوضيح المظاهر يطلق امرأته في الصيام فيلزمه الابتداء ولا يعذر بجهل . ا هـ .

قال الأمير أي إذا وطئ المظاهر منها ليلا أو نهارا ، وكذلك النسيان والغلط لا عذر بهما ، وإذا وقع ذلك في الإطعام فكالصوم على المشهور كما في المختصر قال عبد الملك بن الماجشون : الوطء لا يبطل الإطعام المتقدم مطلقا ، والاستئناف أحب إلى الله تعالى ومفهوم وطئ أن القبلة والمباشرة لا يقطعانه وشهره يوسف بن محمد ، وقيل يقطعانه وشهره الزناتي ا هـ عبق واقتصر الخرشي على الثاني ا هـ أمير .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الخامسة والعشرون قال في التوضيح الرجل يجعل امرأته بيد غيرها فلا يقضي المملك حتى يطأ ثم تريد أن يقضي وتقول جهلت وظننت أن ذلك لا يقطع ما كان ا هـ قال الأمير والمقدمات كالوطء فالمدار على التمكين طوعا ، وظاهره ولو بغير علم ذلك ، وصححه في الشامل انظر التتائي ونحوه للشيخ سالم والذي في المدونة وأبي الحسن عليها وابن عرفة أنه لا يسقط إلا بعلمه ورضاه ا هـ عبق ، وكذلك إن ملكها هو أو خير ا هـ

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة السادسة والعشرون قال في التوضيح الذي يملك امرأته أمرها فتقول قد قبلت ثم تصالحه بعد ذلك قبل أن تسأل ما قبلت ثم تقول كنت أردت ثلاثا لترجع فيما صالحت أنها لم ترجع على الزوج بشيء ؛ لأنها حين صالحت علمت أنها لم تطلق ثلاثا ولا تعذر بالجهل ا هـ .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة السابعة والعشرون قال الأمير من ملك زوجته فقضت بالبتة وادعى الجهل بحكم التمليك فقيل يلزمك ما أوقعت فقال ما أردت إلا واحدة ، هكذا في التوضيح فجعل ادعاءه الجهل مكذبا له ، وإلا فله مناكرة المملكة إن نوى دون الثلاث كما في المختصر وشروحه ا هـ .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثامنة [ ص: 169 ] والعشرون قال في التوضيح في الواضحة فيمن باع جاريته ، وقال كان لها زوج وطلقها أو مات عنها ، وقالت ذلك الجارية لم يجز للمشتري أن يطأ ولا يزوج حتى تشهد البينة على الطلاق أو الوفاة وإن أراد ردها ، وادعى أن قول البائع والجارية يقتضي ذلك لم يكن له ذلك ، وإن كان ممن يجهل معرفة ذلك ا هـ .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة التاسعة والعشرون قال في التوضيح قال أصبغ : في المظاهر يطأ قبل الكفارة أنه يعاقب ولا يعذر بجهل ا هـ ومثل الوطء مقدماته كما في شروح المختصر .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثلاثون إذا أطلق الزوج في تخيير امرأته بعد البناء فقضت بواحدة بطل ما بيدها ، وليس لها أن تختار بعد ذلك وتقول جهلت وظننت أن لي أن أختار واحدة ، ومثل الواحدة الاثنان لأن التخيير ثلاث قال عبق فإن رضي الزوج بما أوقعت لزم أفاده الأمير .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الحادية والثلاثون في التوضيح التي يقول لها زوجها إن غبت عنك أكثر من ستة أشهر فأمرك بيدك فيغيب عنها ، وتقيم بعد الستة المدة الطويلة من غير أن تشهد أنها على حقها ثم تريد أن تقضي وتقول جهلت وظننت أن الأمر بيدي متى شئت ا هـ .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثانية والثلاثون قال الأمير عد في التوضيح منها الشاهد يخطئ في الأموال والحدود .

حاشية ابن حسين المكي المالكي

المسألة الثالثة والثلاثون قال الأمير عد في التوضيح منها الغريم يعتق بحضرة غرمائه فيسكتون ولا ينكرون ثم يريدون القيام ، وبقي مسألة ذكرها الأصل وهي من قتل مسلما في حالة السعة يظنه حربيا من غير كشف عن ذلك أثم والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية