صفحة جزء
تنبيه حسن : فرق الأصحاب بين الإثبات والنفي في الأيمان في مسائل ، وقالوا في الإثبات : لا يتعلق البر إلا بتمام المسمى ، وفي الحنث يتعلق ببعضه على الصحيح ، وقالوا : الأيمان تحمل على عرف الشرع والشارع إذا نهى عن شيء تعلق النهي بجملته وأبعاضه ، وإذا أمر بشيء لم يحصل الامتثال بدون الإتيان بكماله .

فأخذ الشيخ تقي الدين من هذا أن اليمين في الإثبات لا تعم وفي النفي تعم ، كما عمت أجزاء المحلوف ، قال : وقد ذكر القاضي في موضع من خلافه أن السبب يقتضي التعميم في النفي دون الإثبات . قال الشيخ : وهذا قياس المذهب في الأيمان ، وقرره بأن المفاسد يجب اجتنابها كلها ، بخلاف المصالح فإنه إنما يجب تحصيل ما يحتاج إليه منها ; فإذا وجب تحصيل منفعة لم يجب تحصيل أخرى مثلها للاستغناء عنها بالأولى ، وكلامه يشمل التعميم بالنية أيضا ، حتى ذكر في العلة المنصوصة في كلام الشارع أنها كانت في تحريم تعدت بالقياس إلى غير المنصوص عليه بالعلة ، وإن كانت إيجابا لم تتعد ، وذكر أن هذا قياس المذهب .

وحكى عن أبي الخطاب أنه لو قال : أوجبت كل يوم أكل السكر ; لأنه حلو وجب أكل كل حلو ، ثم قال وهذا بعيد ، بل الذي يقال إنه يجب كل يوم أكل شيء من الحلو كائنا ما كان ، قال وفيه نظر ; لأنه يبطل إيجاب السكر ، وعلى هذا التقدير يرفع إشكال في مسألة قول السيد : أعتقت غانما لسواده ، وأنه لا يعتق عليه كل أسود كما هو قول الجمهور ، خلافا لما ذكره أبو الفتح الحلواني وأبو الخطاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية