1. الرئيسية
  2. القواعد لابن رجب
  3. القاعدة السابعة والعشرون بعد المائة إذا استند إتلاف أموال الآدميين ونفوسهم إلى مباشرة وسبب
صفحة جزء
ومنها : لو قتل الحاكم حدا أو قصاصا بشهادة ثم أقر الشهود أنهم تعمدوا الكذب فالضمان والقود عليهم دون الحاكم . ونقل أبو النصر العجلي عن أحمد إذا رجم الحاكم بشهادة أربعة ثم تبين أن المرجوم مجبوب فالضمان على الحاكم وهو مشكل ; لأنه قد تبين كذبهم بالعيان فهو كإقرارهم بتعمد الكذب ، وقد يفرق بأن المجبوب لا يخفى أمره غالبا فالإقدام على رجمه لا يخلو من تفريط ، وبأن الشهود قد يشتبه عليهم فلا يتحقق تعمدهم للكذب وأما إن تبين أن الشهود فسقة أو كفار وقلنا ينقض الحكم وكان الحق لآدمي فالضمان على المحكوم له ، وإن كان لله تعالى فله حالتان :

إحداهما : أن يستند الحاكم في قبول الشهادة إلى تزكية من زكاهم وفيه ثلاثة أوجه :

أحدهما : الضمان على المزكيين قاله أبو الخطاب وصححه صاحب الكافي والترغيب ; لأنهم ألجئوا الحاكم إلى الحكم ، والحاكم فعل ما وجب عليه ، والشهود لا يعترفون ببطلان شهادتهم فيتعين إحالة الضمان على المزكيين .

والثاني : الضمان على الحاكم وحده قاله القاضي وابن عقيل في كتاب الشهادات : لأنه مفرط بالحكم بشهادة من لا تجوز شهادتهم ، وحكمه يختص بالمحكوم به ، بخلاف التزكية ، فإنها لا تختص بالمحكوم به .

والثالث : يخير المستحق بين تضمين من شاء من الحاكم والمزكيين والقرار على المزكيين قاله القاضي وابن عقيل في كتاب الحدود ، لما ذكرنا من وجه تغريم كل منهما فيخير المستحق ويستقر الضمان على المزكيين لإلجائهم الحاكم إلى الحكم . وحكي عن أبي الخطاب وجه رابع : أن الضمان على الشهود كما لو رجعوا عن الشهادة ولا يصح حكايته عنه لتصريحه بخلافه ; وهو غير متجه ; لأنهم لم يعترفوا ببطلان شهادتهم ولا ظهر كذبهم ، بخلاف الراجعين عن الشهادة . لكن ذكر القاضي وأبو الخطاب رواية أنه لا ينقض الحكم ويضمن الشهود وهذا ضعيف جدا . [ ص: 286 ] وخرج صاحب المحرر في تعليقه على الهداية ضمان الشهود من إحدى الروايتين فيما إذا شهد أربعة بالزنا ثم بانوا فساقا فإنهم يحدون على إحدى الروايتين وإن لم يعترفوا ببطلان قولهم ، وهذا تخريج ضعيف ; لأن الشهادة بالزنا قذف في المعنى موجبة للحد في نفسها ، إلا أن يوجد معها كمال النصاب المعتبر ولم يوجد ذلك هنا ، ولذلك يجب عليهم حد القذف ، سواء استوفى من المشهود عليه الحد أو لا ، وليس المستوفى من الشاهد نظير المستوفى من المشهود عليه .

وأما الشهادة بالمال فلا يترتب عليها ضمان إلا بعد أن ينشأ عنها غرم ثم يتبين بطلانها إما بإقرار الشاهد أو يتبين كذبها بالعيان ، ولم يوجد واحد منهما .

والحالة الثانية : أن لا يكون ثم تزكية فالضمان على الحاكم وحده ، ذكره الخرقي والأصحاب ; لتفريطه بقبول من لا تجوز قبول شهادته من غير إلجاء له إلى القبول .

التالي السابق


الخدمات العلمية