صفحة جزء
المثال الخامس والأربعون : من ترجيح المصالح على المفاسد : الغيبة مفسدة محرمة ، لكنها جائزة إذا تضمنت مصلحة واجبة التحصيل ، أو جائزة التحصيل ، ولها أحوال : أحدها : أن يشاور في مصاهرة إنسان فذكره بما يكره كما قال { صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس لما خطبها أبو جهم ومعاوية : إن أبا جهم ضراب للنساء ، وإن معاوية صعلوك لا مال له } فذكرهما بما يكرهانه [ ص: 114 ] نصحا لها ودفعا لضيق عيشها مع معاوية وتعريضا لضرب أبي الجهم . فهذا جائز ، والذي يظهر لي أنه واجب لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصح لكل مسلم .

الحالة الثانية : القدح في الرواة واجب ، لما فيه من دفع إثبات الشرع بقول من لا يجوز إثبات الشرع به ، لما على الناس في ذلك من الضرر في التحريم والتحليل وغيرهما من الأحكام .

وكذلك كل خبر يجوز الشرع الاعتماد عليه والرجوع إليه . الحالة الثالثة : جرح الشهود عند الحكام فيه مفسدة هتك أستارهم ، لكنه واجب لأن المصلحة في حفظ الحقوق من الدماء والأموال والأعراض والأبضاع والأنساب وسائر الحقوق أعم وأعظم ، فإن علم منه ذنبين أحدهما أكبر من الآخر لم يجز أن يجرحه بالأكبر لأنه مستغنى عنه ، وإن استويا تخير ولا يجمع بينهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية