صفحة جزء
المثال العاشر : إذا قال لامرأته إذا رأيت الهلال فأنت طالق فرآه غيرها طلقت عند الشافعي حملا للرؤية على العرفان ، وهذا على خلاف الوضع وعرف الاستعمال ، وخالفه أبو حنيفة في ذلك ، واستدل الشافعي بصحة قول الناس رأينا الهلال ، وإن لم يروه كلهم : وجوابه أن قول الناس : [ ص: 125 ] رأينا الهلال من مجاز نسبة فعل البعض إلى الكل ، كقول امرئ القيس

" وإن تقتلونا نقتلكم "

معناه وإن تقتلوا بعضنا نقتلكم ، وكذلك قوله : { وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها } ، وإنما قتله بعضهم وادارءوا فيه ، وكذلك وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام } ، فنسب المعاهدة إلى الجماعة مع تفرده صلى الله عليه بها ، فليس ما استدل به الشافعي بمجاز لمحل النزاع ، فإن مجاز محل النزاع لا يشهد لما ذكره الشافعي ، فإنه علقه على نفس رؤيتها وهي واحدة لا ينسب إليها ما وجد في غيرها ، فاستدل بنوع من المجاز على نوع آخر لا يناسبه ولا يوافقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية