صفحة جزء
المثال التاسع والعشرون من أمثلة مستثنيات العبادات : لا زكاة فيما نقص من النعم عن النصاب إلا في الخلطة عند الشافعي رحمه الله ، ولو تخالط أربعون رجلا بأربعين شاة أو ثمانون رجلا بأربعين شاة لأوجب الشافعي رحمه الله الزكاة على من يملك شاة أو نصف شاة مع كونه مالا نزرا لا يحتمل المواساة .

فإن قيل : إنما اعتبرت النصب ليكون المال محتملا للمواساة فهلا أوجبتم الزكاة على من يملك من الجواهر والخيل والحمير والبغال والقرى والبساتين [ ص: 171 ] والدور والدكاكين ما يساوي مائة ألف دينار لاحتمال ماله للمواساة ؟ وكيف لا يجب على هذا الزكاة وهي واجبة على الضعيف ذي العيال في خمس من الإبل أو في جزء من بعير في صورة الخلطة ؟ قلت إن اشتملت قراه وبساتينه على الأموال الزكوية من النخل والكرم والزرع كانت زكاتها مجزية عن زكاة رقابها ، وإن لم يكن فيها مال زكوي ، فإن ثمار بساتينها تباع بالنقود في الغالب ، وكذلك تؤجر أراضيها بالنقود في الغالب فإن بقيت نقودها حتى حال عليها الحول قامت زكاة النقود مقام زكاة رقابها ، وإن اتجر في نقدها قامت زكاة التجارة مقام زكاة النقد ، وكذلك القول في إيجار الدور والدكاكين .

وكذلك البغال والحمير ، واختلف العلماء في زكاة الخيل .

وأما الجواهر في الغالب أنها لا تقتنى بل يتجر فيها ولا يدخرها إلا القليل من الناس ، وأما اقتناء الملوك لها ، فإن كانت لبيت مال المسلمين فلا زكاة في بيت المال ، والملوك فقراء وليسوا بأغنياء بسبب ما حازوه من بيت المال لأنفسهم ظلما وعدوانا ، ولا زكاة في مال بيت المال إذ لا يتعين مستحقوه ، وإن كان مما اشتروه لأنفسهم : فإن اشتروه بعين مال بيت المال لم يملكوه ، وإن اشتروا في ذمتهم ونقدوا ثمنه من مال بيت المال كانت أثمانه دينا عليهم .

وفي وجوب الزكاة على المدين خلاف بين العلماء وقد خالف بعض العلماء في الجواهر المستخرجة من البحار .

التالي السابق


الخدمات العلمية