صفحة جزء
( فائدة ) : إذا استوى اثنان في حال من الأحوال فهما في التفضل سيان ، وإن تفاوتا في ذلك بطول الزمان وقصره كان من طال زمانه أفضل ممن قصر زمانه عند اتحاد الحال ، فإن تفاوتا في الأحوال : فإن كانت إحدى الحالتين أشرف وأطول زمانا ، فلا شك أن صاحبها أشرف وأفضل ، مثاله الخائف مع الهائب ، فإن الهيبة أفضل من الخوف ، فإذا طال زمان الهيبة وقصر زمن الخوف فقد فضلته من وجهين اثنين ، وإن استوى الزمان كان الهائب أفضل وكذلك إن قصر زمان الهيبة عن زمن الخوف كان الهيبة أفضل لعلو رتبتها وشرفها ألا ترى أن وزن دينار من الجوهر أفضل من الدينار ، والدينار أفضل من الدرهمين والعشرة لشرف وصفه على وصف الفضة ، والدرهم أفضل من مائة درهم من النحاس لشرف وصفه ، وبهذا الميزان يعرف تفاوت [ ص: 238 ] الرجال وكذلك تعرف مراتب الطائعين بملابسة بعضهم لأفضل الطاعات وبملابسة الآخرين لأدنى الطاعات وإن استووا في الطاعات لم يجز التفضل في باب الطاعات ، وإن كثرت طاعات أحدهم وقلت معارف الآخر وأحواله يقدم شرف المعارف والأحوال على شرف الأعمال والأقوال ، ولهذا جاء في الحديث : { ما سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة ولكن بأمر وقر في صدره } وقال عليه السلام لما استعظم بعضهم طاعاته : { إني لأرجو أن أكون أعلمكم بالله وأشدكم له خشية } لفضل المعرفة وشدة الخشية على كثرة الأعمال والله أعلم .

السابق


الخدمات العلمية