صفحة جزء
الفصل الأول : في حد الزنا الزنا هو تغييب البالغ العاقل حشفة ذكره في أحد الفرجين من قبل أو دبر ممن لا عصمة بينهما ولا شبهة ، وجعل أبو حنيفة الزنا مختصا بالقبل دون الدبر ويستوي في حد الزنا حكم الزاني والزانية ، ولكل واحد منهما حالتان : بكر ومحصن .

أما البكر فهو الذي لم يطأ زوجة بنكاح ، فيحد إن كان حرا مائة سوط تفرق في جميع بدنه إلا الوجه والمقاتل ليأخذ كل عضو حقه ، بسوط لا حديد فيقتل ، ولا خلق فلا يؤلم ، واختلف الفقهاء في تغريبه مع الجلد ، فمنع منه أبو حنيفة اقتصارا على جلده .

وقال مالك يغرب الرجل ولا تغرب المرأة ، وأوجب الشافعي تغريبها عاما عن بلدها إلى مسافة أقلها يوم وليلة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام [ ص: 279 ] والثيب بالثيب جلد مائة والرجم } وحد الكافر والمسلم سواء عند الشافعي في الجلد والتغريب .

وأما العبد ، ومن جرى عليه حكم الرق من المدبر والمكاتب وأم الولد فحدهم في الزنا خمسون جلدة على النصف من الحر لنقصهم بالرق .

واختلف في تغريب من رق منهم فقيل : لا يغرب لما في التغريب من الإضرار بسيده ، وهو قول مالك ، وقيل يغرب عاما كاملا كالحر ، وظاهر مذهب الشافعي أن يغرب نصف عام كالجلد في تنصيفه ، وأما المحصن فهو الذي أصاب زوجته بنكاح صحيح ، وحده الرجم بالأحجار ، أو ما قام مقامها حتى يموت ولا يلزم توقي مقاتله ، بخلاف الجلد ; لأن المقصود بالرجم القتل ، ولا يجلد مع الرجم .

وقال داود : يجلد مائة سوط ثم يرجم ، والجلد منسوخ في المحصن { وقد رجم النبي صلى الله عليه وسلم ماعزا ولم يجلده } .

وليس الإسلام شرطا في الإحصان ، فيرجم الكافر كالمسلم .

وقال أبو حنيفة : الإسلام شرط في الإحصان ، فإذا زنى الكافر جلد ، ولم يرجم { وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوديين زنيا } ولا يرجم إلا محصنا ، فأما الحرية فهي من شروط الإحصان فإذا زنى العبد لم يرجم ، وإن كان ذا زوجة جلد خمسين ، وقال داود : يرجم كالحر .

التالي السابق


الخدمات العلمية