صفحة جزء
الفصل الرابع : في حد القذف واللعان حد القذف بالزنا ثمانون جلدة ، ورد النص بها وانعقد الإجماع عليها ، لا يزاد فيها ولا ينقص منها ، وهو من حقوق الآدميين يستحق بالطلب ويسقط بالعفو ، فإذا اجتمعت في المقذوف بالزنا خمسة شروط ، وفي القاذف ثلاثة شروط وجب الحد فيه .

[ ص: 286 ] أما الشروط الخمسة في المقذوف فهي : أن يكون بالغا عاقلا مسلما حرا عفيفا ، فإن كان صبيا أو مجنونا أو عبدا أو كافرا أو ساقط العصمة بزنا حد فيه فلا حد على قاذفه ولكن يعزر ; لأجل الأذى ولبذاءة اللسان .

وأما الشروط الثلاثة في القاذف فهي : أن يكون بالغا عاقلا حرا ، فإن كان صغيرا أو مجنونا لم يحد ولم يعزر ، وإن كان عبدا حد أربعين نصف الحد للحر لنصفه بالرق .

ويحد الكافر كالمسلم ، وتحد المرأة كالرجل ، ويفسق القاذف ولا يعمل بشهادته ، فإن تاب زال فسقه وقبلت شهادته قبل الحد وبعده .

وقال أبو حنيفة تقبل شهادته إن تاب قبل الحد ، ولا تقبل شهادته إن تاب بعد الحد ، والقذف باللواط ، وإتيان البهائم كقذف الزنا في وجوب الحد .

ولا يحد القاذف بالكفر والسرقة ويعزر ; لأجل الأذى والقذف بالزنا ما كان صريحا فيه كقوله : يا زان ، أو قد زنيت أو رأيتك تزني ، فإن قال : يا فاجر أو يا فاسق أو يا لوطي كان كناية لاحتماله ، فلا يجب به الحد إلا أن يريد به القذف ولو قال يا عاهر كانت كناية عند بعض أصحاب الشافعي لاحتماله ، وصريحا عند آخرين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { الولد للفراش وللعاهر الحجر } وجعل مالك رحمه الله التعريض فيه كالصريح في وجوب الحد .

والتعريض أن يقول في حال الغضب والملاحاة أنا ما زنيت فجعله بمثابة قوله : إنك زنيت ، ولا حد في التعريض عند الشافعي وأبي حنيفة رحمهما الله حتى يقر أنه أراد به القذف ; فإذا قال يا ابن الزانيين كان قاذفا ; لأبويه دونه فيحد لهما إن طلبا أو أحدهما إلا أن يكونا ميتين فيكون الحد موروثا عنهما .

وقال أبو حنيفة : حد القذف لا يورث ; ولو أراد المقذوف أن يصالح عن حد القذف بمال لم يجز .

وإذا قذف ابنه لم يحد ، وإذا لم يحد القاذف حتى زنى المقذوف لم يسقط حد القذف . وقال أبو حنيفة يسقط .

التالي السابق


الخدمات العلمية