صفحة جزء
1784 100 \ 1710 - وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، قال محمد وهو ابن يحيى الذهلي- : أحسبه قال : ولحللت مع الذين أحلوا من العمرة، قال : أراد أن يكون أمر الناس واحدا .

وأخرجه البخاري بنحوه . وليس فيه أراد أن يكون أمر الناس واحدا .

قال بعضهم: إنه يدل على أن التمتع أفضل، إذ لا يتمنى صلى الله عليه وسلم إلا ما هو أفضل. ويحتمل أن يريد بذلك الفسخ، كما ذكر في هذا الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ولحللت مع الناس حين حلوا أخرجه البخاري كذلك؛ أراد أن يطيب قلوبهم بموافقته لهم، وكره ما ظهر منهم من إشفاقهم لمخالفتهم له في الحل .


[ ص: 292 ] قال ابن القيم رحمه الله: والصواب أن ما أحرم به صلى الله عليه وسلم، كان أفضل، وهو القران، ولكن أخبر أنه لو استقبل من أمره ما استدبر لأحرم بعمرة، وكان حينئذ موافقة لهم في المفضول، تأليفا لهم وتطييبا لقلوبهم، كما ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، وإدخال الحجر فيها، وإلصاق بابها بالأرض، تأليفا لقلوب الصحابة حديثي العهد بالإسلام، خشية أن تنفر قلوبهم.

وعلى هذا فيكون الله تعالى قد جمع له الأمرين: النسك الأفضل الذي أحرم به، وموافقته لأصحابه بقوله: "لو استقبلت" فهذا بفعله، وهذا بتبيينه وقوله، وهذا الأليق بحاله صلوات الله وسلامه عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية