صفحة جزء
2069 [ ص: 409 ] 2 - باب ما يكره الجمع بينهن من النساء

139 \ 1985 - وعن علي بن الحسين : أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما لقيه المسور بن مخرمة، فقال له : هل لك إلي من حاجة تأمرني بها؟ قال : فقلت له : لا ، قال : هل أنت معطي سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه، وايم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أبدا حتى يبلغ إلى نفسي، إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خطب بنت أبي جهل على فاطمة رضي الله عنها، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا، وأنا يومئذ محتلم، فقال : إن فاطمة مني، وأنا أتخوف أن تفتن في دينها، قال : ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه، فأحسن، قال : حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي، وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا .

قال المنذري: فيه جواز حلف الرجل على القطع في المستقبل ثقة بالله، كما حلف صلى الله عليه وسلم.


قال ابن القيم رحمه الله: وفي الاستدلال بهذا نظر، فإن هذا حكم من النبي صلى الله عليه وسلم مؤيد مؤكد بالقسم، ولكن حلف المسور بن مخرمة أنه لا يوصل إليه أبدا، ظاهر فيه ثقته بالله في إبراره.

[ ص: 410 ] وفيه رد على من يقول: إن المسور ولد بمكة في السنة الثانية من الهجرة، وكان له يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين، هذا قول أكثرهم.

وقوله : "وأنا يومئذ محتلم" هذه الكلمة ثابتة في "الصحيحين".

وفيه تحريم أذى النبي صلى الله عليه وسلم بكل وجه من الوجوه، وإن كان بفعل مباح، فإذا تأذى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز فعله، لقوله تعالى وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله .

وفيه غيرة الرجل وغضبه لابنته وحرمته.

وفيه بقاء عار الآباء في الأعقاب لقوله "بنت عدو الله"، فدل على أن لهذا الوصف تأثيرا في المنع، وإلا لم يذكره مع كونها مسلمة، وفيه بقاء أثر صلاح الآباء في الأعقاب، لقوله تعالى وكان أبوهما صالحا .

[ ص: 411 ] وفيه أوضح دليل على فضل فاطمة، وأنها سيدة نساء هذه الأمة، لكونها بضعة من النبي صلى الله عليه وسلم.

وفيه ثناء الرجل على زوج ابنته بجميل أوصافه ومحاسن أفعاله.

وفيه أن أذى أهل بيته صلى الله عليه وسلم وإرابتهم أذى له.

وقوله " يريبني ما أرابها " تقول: رابني فلان إذا رأيت منه ما يريبك وتكرهه، وأرابني أيضا لغتان، قال الفراء: هما بمعنى واحد. وفرق آخرون بينهما بأن " رابني " تحققت منه الريبة، و " أرابني ": إذا ظننت ذلك به، كأنه أوقعك فيها.

والصهر الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم هو أبو العاص بن الربيع، وزوجته زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبنت أبي جهل هذه المخطوبة، قال عبد الغني بن سعيد وغيره: اسمها العوراء.

التالي السابق


الخدمات العلمية