صفحة جزء
165 13 - باب كيف المسح؟

22 \ 157 - عن المغيرة بن شعبة قال: وضأت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فمسح أعلى الخفين وأسفله .

[ ص: 118 ] وأخرجه الترمذي وابن ماجه.

وضعف الإمام الشافعي رضي الله عنه حديث المغيرة هذا.

وقال أبو داود: بلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء. وقال الترمذي: وهذا حديث معلول. وقال: سألت أبا زرعة ومحمدا عن هذا الحديث؟ فقالا: ليس بصحيح.


قال ابن القيم رحمه الله: حديث المغيرة هذا قد ذكر له أربع علل:

أحدها: أن ثور بن يزيد لم يسمعه من رجاء بن حيوة، بل قال: حدثت عن رجاء.

قال عبد الله بن أحمد في كتاب "العلل": نا أبي قال: وقال عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك، عن ثور بن يزيد قال: حدثت عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخفين وأسفلهما .

العلة الثانية: أنه مرسل، قال الترمذي: سألت أبا زرعة ومحمدا عن [ ص: 119 ] هذا الحديث فقالا: ليس بصحيح لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور عن رجاء، قال: حدثت عن كاتب المغيرة، مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم.

العلة الثالثة: أن الوليد بن مسلم لم يصرح فيه بالسماع من ثور بن يزيد، بل قال فيه عن ثور; والوليد مدلس، فلا يحتج بعنعنته، ما لم يصرح بالسماع.

العلة الرابعة: أن كاتب المغيرة: لم يسم فيه، فهو مجهول. ذكر أبو محمد بن حزم هذه العلة.

وفي هذه العلل نظر.

أما العلة الأولى وهي: أن ثورا لم يسمعه من رجاء، فقد قال الدارقطني في سننه: نا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، نا داود بن رشيد، نا الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، قال: نا رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة بن شعبة، عن المغيرة - فذكره. فقد صرح في هذه الرواية بالتحديث وبالاتصال فانتفى الإرسال عنه.

وأما العلة الثالثة: وهي تدليس الوليد، وأنه لم يصرح بسماعه: فقد رواه [ ص: 120 ] أبو داود عن محمود بن خالد الدمشقي، ثنا الوليد، أنا ثور بن يزيد. فقد أمن تدليس الوليد في هذا.

وأما العلة الرابعة: وهي جهالة كاتب المغيرة، فقد رواه ابن ماجه في سننه وقال: "عن رجاء بن حيوة، عن وراد كاتب المغيرة، عن المغيرة".

وقال شيخنا أبو الحجاج المزي: رواه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن عبد الملك بن عمير، عن وراد، عن المغيرة. تم كلامه.

وأيضا: فالمعروف بكتابة المغيرة هو مولاه وراد، وقد خرج له في "الصحيحين"، وإنما ترك ذكر اسمه في هذه الرواية لشهرته وعدم التباسه بغيره. ومن له خبرة بالحديث ورواته لا يتمارى في أنه وراد كاتبه.

وبعد: فهذا حديث قد ضعفه الأئمة الكبار: البخاري، وأبو زرعة، والترمذي، وأبو داود، والشافعي، ومن المتأخرين: أبو محمد بن حزم. وهو الصواب، لأن الأحاديث الصحيحة كلها تخالفه.

وهذه العلل - وإن كان بعضها غير مؤثر - فمنها ما هو مؤثر مانع من صحة الحديث. وقد تفرد الوليد بن مسلم بإسناده ووصله، وخالفه من هو أحفظ منه وأجل، وهو الإمام الثبت عبد الله بن المبارك، فرواه عن ثور، عن رجاء [ ص: 121 ] قال: حدثت عن كاتب المغيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا اختلف عبد الله بن المبارك والوليد بن مسلم فالقول ما قال عبد الله.

وقد قال بعض الحفاظ: أخطأ الوليد بن مسلم في هذا الحديث في موضعين: أحدهما: أن رجاء لم يسمعه من كاتب المغيرة، وإنما قال: حدثت عنه. والثاني: أن ثورا لم يسمعه من رجاء. وخطأ ثالث أن الصواب إرساله. فميز الحفاظ ذلك كله في الحديث وبينوه، ورواه الوليد معنعنا من غير تبيين، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية