صفحة جزء
2838 302 \ 2720 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى

قال أبو داود "ويسمى " أصح

وأخرجه النسائي وابن ماجه والترمذي ، وقال: حسن صحيح.

وقال غير واحد من الأئمة: حديث الحسن عن سمرة كتاب إلا حديث العقيقة، وتصحيح الترمذي له يدل على ذلك. وقد حكى البخاري في [ ص: 277 ] "صحيحه " ما يدل على سماع الحسن من سمرة حديث العقيقة.


قال ابن القيم رحمه الله: فإنه حكى: أن محمد بن سيرين قال لحبيب بن الشهيد " اذهب إلى الحسن فسله ممن سمع حديث العقيقة ؟ فذهب إليه، فسأله فقال: سمعته من سمرة ".

وهذا يرد على من قال: إنه لم يسمع منه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: رهينة بعقيقته " قال الإمام أحمد: مرتهن عن الشفاعة لوالديه، يعني إذا مات طفلا. وقال غيره: إنما معناه أنه مرهون بعقيقته، أي بأذى شعره. قال: والدليل عليه قوله: "فأميطوا عنه الأذى"، وهو ما يعلق به من دم الرحم، قاله الخطابي.

و"رهينته " قيل: الهاء فيه للمبالغة، وإنما هو رهين بمعنى مرتهن. والصواب أنها للتأنيث، فذهب به مذهب النفس المؤنثة، فهو كقوله تعالى: كل نفس بما كسبت رهينة ،[المدثر: 38] .

وقال آخرون: معناه أن العقيقة لازمة له لا ينفك منها، فشبهه في لزومها وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن.

فقال بعض العلماء: وهذا يدل أن من لم يعق عنه أبواه عق هو عن [ ص: 278 ] نفسه، ليفك ما عليه من ذلك الارتهان. واحتج بذلك من يوجبها، وهو الليث وأهل الظاهر، ويروى عن الحسن. واحتجوا بحديث سلمان، وسيأتي.

وقوله: "ويدمى" اختلف في هذه اللفظة، فكان همام يقول: "يدمى".

قال أحمد: قال فيه ابن أبي عروبة: "ويسمى"، وقال همام: "ويدمى"، وما أراه إلا خطأ. تم كلامه.

وقال سلام بن أبي مطيع عن قتادة " ويسمى" ذكره أبو داود وهو الذي صححه، وقال إياس بن دغفل عن الحسن " ويسمى ".

واختلف في حكمها أيضا، فكان قتادة يستحب تدميته ، كما ذكر أبو داود.

وهذا يدل على أن هماما لم يهم في هذه اللفظة فإنه رواها عن قتادة وهذا مذهبه، فهو - والله أعلم - بريء من عهدتها.

وقد روي عن الحسن مثل قول قتادة.

[ ص: 279 ] وكره آخرون التدمية منهم أحمد ومالك والشافعي وابن المنذر.

قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدا قال هذا - يعني: التدمية - إلا الحسن وقتادة.

وأنكره سائر أهل العلم وكرهوه.

وقال مهنا بن يحيى الشامي: ذكرت لأبي عبد الله حديث يزيد بن عبد المزني عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم "، فقال أحمد: ما أظرفه ! ورواه ابن ماجه في سننه، ولم يقل عن أبيه.

واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أميطوا عنه الأذى، والدم أذى، فكيف يؤمر بأن يصاب بالأذى ويلطخ به ؟

واحتجوا بأن الدم نجس، فلا يشرع إصابة الصبي به، كسائر النجاسات من البول وغيره.

[ ص: 280 ] واحتجوا أيضا بحديث بريدة الذي ذكره أبو داود في آخر الباب وسيأتي.

واحتجوا بأن هذا كان من فعل الجاهلية، فلما جاء الإسلام أبطله، كما قاله بريدة.

وقوله " ويسمى " ظاهره: أن التسمية تكون يوم سابعه.

وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه سمى ابنه إبراهيم ليلة ولادته ".

وثبت عنه: " أنه سمى الغلام الذي جاء به أنس وقت ولادته، فحنكه وسماه عبد الله ".

وثبت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد: " أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى المنذر بن أبي أسيد: المنذر حين ولد ".

وقد روى الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه، ووضع الأذى عنه والعق "، وقال: هذا حديث حسن غريب.

والأحاديث التي ذكرناها أصح منه، فإنها متفق عليها كلها ولا تعارض بينها.

فالأمران جائزان.

[ ص: 281 ] وقوله " ويحلق رأسه " قد جاء هذا أيضا في مسند الإمام أحمد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة لما ولدت الحسن " احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة على المساكين والأوفاض " يعني أهل الصفة.

وروى سعيد بن منصور في سننه " أن فاطمة عليها السلام - كانت إذا ولدت ولدا حلقت شعره وتصدقت بوزنه ورقا ".

التالي السابق


الخدمات العلمية