صفحة جزء
2852 309 \ 2734 -وعن أبي ثعلبة - وهو الخشني - قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيد الكلب إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل، وإن أكل منه، وكل ما ردت عليك يداك

في إسناده داود بن عمرو الأودي الدمشقي عامل واسط. وثقه يحيى بن معين. وقال الإمام أحمد: حديثه مقارب. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال ابن عدي: ولا أرى برواياته بأسا. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ليس بالقوي. وقال [ ص: 288 ] أبو حاتم الرازي: هو شيخ


قال ابن القيم رحمه الله: ويروى مثل ذلك من حديث عبد الله بن عمرو، وسيأتي آخر الباب والكلام عليه.

وفي مسند الإمام أحمد من حديث إبراهيم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أرسلت الكلب فأكل من الصيد فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه، وإذا أرسلت فقتل ولم يأكل فكل، فإنما أمسك على صاحبه ".

فاختلف في إباحة ما أكل منه الكلب من الصيد.

فمنعه ابن عباس وأبو هريرة، وعطاء، وطاوس، والشعبي، والنخعي، وعبيد بن عمير، وسعيد بن جبير، وأبو بردة، وسويد بن غفلة، وقتادة [ ص: 289 ] وغيرهم،

وهو قول إسحاق وأبي حنيفة وأصحابه، وهو أصح الروايتين عن أحمد، وأشهرهما وأحد قولي الشافعي.

وأباحه طائفة يروى ذلك عن سعد بن أبي وقاص وسلمان، ويروى عن أبي هريرة أيضا، وعن ابن عمر رواه أحمد عنهم، وبه قال مالك والشافعي في القول الآخر، وأحمد في إحدى الروايتين.

واحتجوا بحديث أبي ثعلبة المتقدم وحديث عبد الله بن عمرو الذي ذكره أبو داود في آخر الباب.

واحتجوا بما رواه عبد الملك بن حبيب عن أسد بن موسى - وهو [ ص: 290 ] أسد السنة - عن ابن أبي زائدة عن الشعبي عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم - فذكر نحو حديث أبي ثعلبة في جواز الأكل منه إذا أكل

واحتجوا أيضا بما رواه الثوري عن سماك عن مري بن قطري عن عدي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما كان من كلب ضار أمسك عليك فكل، قلت: وإن أكل ؟ قال: نعم "

[ ص: 291 ] ذكر هذين الحديثين ابن حزم.

وتعلق على عبد الملك في الأول وعلى أسد بن موسى.

وتعلق في الثاني على سماك، وأنه كان يقبل التلقين، ذكره النسائي، وعلى مري بن قطري.

وقد تقدم تعليل حديث أبي ثعلبة بداود بن عمرو.

وهو ليس بالحافظ، قال فيه ابن معين مرة: مستور

قال أحمد: يختلفون في حديث أبي ثعلبة على هشيم، وحديث الشعبي عن عدي من أصح ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، الشعبي يقول كان جاري وربيطي، فحدثني والعمل عليه.

وسلكت طائفة مسلك الجمع بين الحديثين فقال الخطابي: يمكن [ ص: 292 ] أن يوفق بين الحديثين بأن يجعل حديث أبي ثعلبة أصلا في الإباحة، وأن يكون النهي في حديث عدي بن حاتم على معنى التنزيه دون التحريم. ويحتمل أن يكون الأصل في ذلك حديث عدي بن حاتم، ويكون النهي على التحريم البات، ويكون المراد بقوله: "وإن أكل " فيما مضى من الزمان وتقدم منه، لا في هذه الحال. آخر كلامه.

والصواب في ذلك أنه لا تعارض بين الحديثين على تقدير الصحة، ومحمل حديث عدي في المنع على ما إذا أكل منه حال صيده؛ لأنه إنما صاده لنفسه، ومحمل حديث أبي ثعلبة على ما إذا أكل منه بعد أن صاده وقتله، ولهي عنه، ثم أقبل عليه فأكل منه، فإنه لا يحرم؛ لأنه أمسكه لصاحبه، وأكله منه بعد ذلك كأكله من شاة ذكاها صاحبها أو من لحم عنده. فالفرق بين أن يصطاد ليأكل، أو يصطاد ثم يعطف عليه فيأكل منه. فهذا أحسن ما يجمع به بين الحديثين. والله تعالى أعلم. [ ص: 293 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية