صفحة جزء
2914 3-باب فيمن أسلم على ميراث

313 \ 2794 -عن ابن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم، وكل قسم أدركه الإسلام فإنه على قسم الإسلام

وأخرجه ابن ماجه

[ ص: 311 ] وفيه دليل على أن أحكام الأموال والأنساب والأنكحة التي كانت في الجاهلية ماضية على ما وقع الحكم فيها أيام الجاهلية، لا يرد منها شيء في الإسلام، وما وجد من هذه الأمور في الإسلام يستأنف فيه حكمه.


قال ابن القيم رحمه الله: وقد دل على هذا: قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا فأمرهم بترك ما لم يقبضوا من الربا، ولم يتعرض لما قبضوه، بل أمضاه لهم.

وكذلك الأنكحة لم يتعرض فيها لما مضى، ولا لكيفية عقدها، بل أمضاها وأبطل منها ما كان موجب إبطاله قائما في الإسلام، كنكاح الأختين والزائد على الأربع، فهو نظير الباقي من الربا.

وكذلك الأموال لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم أحدا بعد إسلامه عن ماله ووجه أخذه، ولا تعرض لذلك.

وكذلك الأنساب كما تقدم في المستلحق في بابه.

وهذا أصل من أصول الشريعة ينبني عليه أحكام كثيرة.

وأما الرجل يسلم على الميراث قبل أن يقسم: فروي عن عمر بن الخطاب وعثمان وعبد الله بن مسعود والحسن بن علي: أنه يرث، [ ص: 312 ] وقال به جابر بن زيد والحسن ومكحول وقتادة وحميد وإياس بن معاوية وإسحاق بن راهويه والإمام أحمد، في إحدى الروايتين عنه، اختارها أكثر أصحابه.

وذهب عامة الفقهاء إلى أنه لا يرث، كما لو أسلم بعد القسمة، وهذا مذهب الثلاثة.

وذكر ابن عبد البر في التمهيد: أن عمر قضى: أن من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فله نصيبه. وقضى به عثمان.

واحتج لهذا القول الأول بما روى سعيد بن منصور في سننه عن عروة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من أسلم على شيء فهو له "

ورواه أيضا عن ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

واحتجوا أيضا بحديث أبي داود هذا.

[ ص: 313 ] واحتجوا بأنه قضاء انتشر في الصحابة من عمر وعثمان، ولم يعلم لهما مخالف.

وفيه نظر، فإن المشهور عن علي أنه لا يرث.

واحتجوا أيضا بأن التركة إنما يتحقق انتقالها إليهم بقسمتها وحوزها، واختصاص كل من الوارثين بنصيبه، وما قبل ذلك فهي بمنزلة ما قبل الموت.

والتحقيق: أنها بمنزلة ما قبل الموت من وجه، وبمنزلة ما قبل القسمة من وجه، فإنهم ملكوها بالموت ملكا قهريا ونماؤها لهم، وابتدأ حول الزكاة من حين الموت ولكن هي قبل القسمة كالباقي على ملك الموروث، ولو نمت لضوعف منها وصاياه، وقضيت منها ديونه، فهي في حكم الباقي على ملكه من بعض الوجوه.

ولو تجدد للميت صيد بعد موته بأن يقع في شبكة نصبها قبل موته ثبت ملكه عليه.

ولو وقع إنسان في بئر حفرها لتعلق ضمانه بتركته بعد موته، فإذا قسمت التركة، وتعين حق كل وارث انقطعت علاقة الميت عنها، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية