صفحة جزء
3470 399 \ 3324 - وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بعت من أخيك تمرا فأصابتها جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك بغير حق

وأخرجه مسلم.


قال ابن القيم رحمه الله: حديث مسلم في الجائحة من رواية ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر، وهذا صحيح.

والشافعي علل حديث سفيان، عن حميد بن قيس، عن سليمان بن عتيق، عن جابر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السنين، وأمر بوضع [ ص: 480 ] الجوائح "، بأن قال: سمعت سفيان يحدث هذا الحديث كثيرا في طول مجالستي له، لا أحصي ما سمعته يحدثه من كثرته، لا يذكر فيه: "أمر بوضع الجوائح "، لا يزيد على أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السنين، ثم زاد بعد ذلك: "وأمر بوضع الجوائح ". قال سفيان: وكان حميد بن قيس يذكر بعد "بيع السنين " كلاما قبل "وضع الجوائح "، إلا أني لا أدري كيف كان الكلام؟ وفي الحديث: "أمر بوضع الجوائح ".

وفي الباب حديث عمرة عن عائشة: ابتاع رجل ثمر حائط في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعالجه، وقام عليه، حتى تبين له النقصان، فسأل رب الحائط أن يضع عنه، فحلف أن لا يفعل، فذهبت أم المشتري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تألى أن لا يفعل خيرا؟! " فسمع بذلك رب المال، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله، هو له.

وعلله الشافعي بالإرسال. وقد أسنده يحيى بن سعيد عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة ، وأسنده حارثة بن أبي الرجال عن أبيه. [ ص: 481 ] وليس بصريح في وضع الجائحة.

وقد تأوله من لا يرى [وضع] الجائحة بتأويلات باطلة:

أحدها: أنه محمول على ما يجتاح الناس في الأراضي الخراجية التي خراجها للمسلمين، فيوضع ذلك الخراج عنهم، فأما في الأشياء المبيعات فلا.

وهذا كلام في غاية البطلان، ولفظ الحديث لا يحتمله بوجه. قال البيهقي: ولا يصح حمل الحديث عليه؛ لأنه لم يكن يومئذ على أراضي المسلمين خراج.

ومنها: أنهم حملوه على إصابة الجائحة قبل القبض، وهو تأويل باطل؛ لأنه خص بهذا الحكم الثمار وعم به الأحوال، ولم يقيده بقبض ولا عدمه.

ومنها: أنهم حملوه على معنى حديث أنس: "أرأيت إن منع الله الثمرة، فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ ". وهذا في بيعها قبل بدو صلاحها.

وهذا أيضا تأويل باطل، وسياق الحديث يبطله، فإنه علل بإصابة الجائحة لا بغير ذلك.

[ ص: 482 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية