صفحة جزء
3610 440 \ 3464 - وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد

وأخرجه ابن ماجه والترمذي، وقال: حسن غريب.


قال ابن القيم رحمه الله: قال ابن أبي حاتم، في كتاب العلل: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ربيعة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين " ؟ فقالا: هو صحيح، قلت: فإن بعضهم: يقول عن سهيل عن أبيه عن زيد بن ثابت ؟ فقالا: وهذا صحيح أيضا، هما جميعا صحيحان.

وقد روى ابن ماجه عن جابر " أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد " [ ص: 563 ] ورواه الإمام أحمد في مسنده.

وفي المسند أيضا: عن عمارة بن حزم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد ".

وفي المسند أيضا: عن سعد بن عبادة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد ".

وفي المسند أيضا: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي " أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشهادة شاهد واحد ويمين صاحب الحق "، وقضى به علي بالعراق.

[ ص: 564 ] وروى ابن ماجه عن سرق " أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة رجل ويمين الطالب "

وأعل حديث أبي هريرة وحديث ابن عباس، وهما أجود ما في الباب.

أما حديث أبي هريرة قالوا يرويه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، رواه عنه ربيعة، قال الدراوردي: فذكرت ذلك لسهيل.

فقال أخبرني ربيعة، وهو عندي ثقة أني حدثته إياه ولا أحفظه، قال عبد العزيز: وكان أصاب سهيلا علة أذهبت عقله، ونسي بعض حديثه، فكان سهيل يحدث عن ربيعة عنه عن أبيه.

والجواب عن هذا من وجوه.

أحدها: أن هذا لو ثبت لكان تعليلا لبعض طرق حديث أبي هريرة ولا يلزم من تعليل هذه الطريق تعليل أصل الحديث، فقد رواه أبو الزناد عن الأعرج عنه ومن هذه الطريق خرجه النسائي.

[ ص: 565 ] الثاني: أن هذا يدل على صدق الحديث فإن سهيلا صدق ربيعة، وكان يرويه عنه عن نفسه، ولكنه نسيه وليس نسيان الراوي حجة على من حفظ.

الثالث: أن ربيعة من أوثق الناس، وقد أخبر أنه سمعه من سهيل، فلا وجه لرد حديثه، ولو أنكره سهيل فكيف ولم ينكره ؟ وإنما نسيه للعلة التي أصابته، وقد سمعه منه ربيعة قبل أن تصيبه تلك العلة.

وأما حديث ابن عباس: فيرويه عمرو بن دينار عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي " أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشاهد واليمين ".

وهذا أيضا تعليل باطل لا يعترض بمثله على السنن الصحيحة، وقد رواه الناس عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصححه مسلم، وقال النسائي: إسناد جيد، وساقه من طرق عن عمرو بن دينار عن ابن عباس.

[ ص: 566 ] وقال الشافعي: هو حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرد أحد من أهل العلم مثله، لو لم يكن معه غيره من أن معه غيره مما يشده.

وقال الشافعي: قال لي محمد بن الحسن: لو علمت أن سيف بن سليمان يروي حديث اليمين مع الشاهد - يعني حديث ابن عباس - لأفسدته عند الناس قلت يا أبا عبد الله، إذا أفسدته فسد ؟

وسيف هذا ثقة، اتفق الشيخان على الاحتجاج بحديثه.

قال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد عن سيف بن سليمان فقال: كان عندي ثبتا ممن يصدق ويحفظ وقال النسائي: وسيف بن سليمان ثقة.

وأعله الطحاوي وقال: إنه منكر وقال: قيس بن سعد لا نعلم يحدث عن عمرو بن دينار بشيء.

وهذه علة باطلة؛ لأن قيسا ثقة ثبت، غير معروف بتدليس، وقيس وعمرو مكيان في زمان واحد، وإن كان عمرو أسن وأقدم وفاة منه، وقد روى قيس عن عطاء ومجاهد، وهما أكبر سنا وأقدم موتا من عمرو.

وقد روى عن عمرو من هو في قرن قيس وهو أيوب السختياني، فمن أين جاء إنكار رواية [ ص: 567 ] قيس عن عمرو ؟ وقد روى جرير بن حازم عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن جبير عن ابن عباس قصة المحرم الذي وقصته ناقته، وهو من أصح الأحاديث.

فقد تبين أن قيسا روى عن عمرو غير حديث، ولم يعللها أحد من أئمة الحديث بانقطاع أصلا،

وقد تابع قيسا محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو عن ابن عباس، ذكره النسائي وأبو داود، والحديث مروي من وجوه عن ابن عباس، فهو ثابت، لا مطمع في رده بحمد الله

وقد أعله طائفة بالإرسال بأن عمرو بن دينار رواه عن محمد بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.

وهذا أيضا تعليل فاسد لا يؤثر في الحديث؛ لأن راويه عن عمرو مرسلا إنسان ضعيف، لا يعترض بروايته على الثقات.

قال النسائي: ورواه إنسان ضعيف، فقال: عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي مرسل قال: وهو متروك الحديث، ولا يحكم بالضعفاء على الثقات، تم كلامه.

وهذه العلل وأمثالها عنت، لا يترك لها الأحاديث الثابتة، ولو تركت السنن بمثلها لوجد السبيل إلى ترك عامة الأحاديث الصحيحة الثابتة بمثل هذه الخيالات.

[ ص: 568 ] وهذه الطريق في مقابلها طريق الأصوليين، وأكثر الفقهاء أنهم لا يلتفتون إلى علة للحديث إذا سلمت طريق من الطرق منها، فإذا وصله ثقة، أو رفعه، لا يبالون بخلاف من خالفه ولو كثروا.

والصواب في ذلك: طريقة أئمة هذا الشأن العالمين به وبعلله، وهو النظر والتمهر في العلل، والنظر في الواقفين والرافعين والمرسلين والواصلين أيهم أكثر وأوثق وأخص بالشيخ وأعرف بحديثه، إلى غير ذلك من الأمور التي يجزمون معها بالعلة المؤثرة في موضع وبانتفائها في موضع آخر لا يرتضون طريق هؤلاء، ولا طريق هؤلاء.

والمقصود أن هذا الأصل قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وسعد بن عبادة، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وأبو هريرة، وسرق، وعمارة بن حزم، وجماعة من الصحابة، وعمرو بن شعيب مرسلا ومتصلا، والمنقطع أصح وأبو سعيد الخدري، سهل بن سعد.

فحديث ابن عباس. رواه مسلم.

وحديث أبي هريرة: حسن، صححه أبو حاتم الرازي

وحديث جابر: حسن، وله علة، وهي الإرسال، قاله أبو حاتم الرازي.

وحديث زيد بن ثابت: صححه أبو زرعة وأبو حاتم، رواه سهيل عن أبيه [ ص: 569 ] عن زيد بن ثابت " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين ".

وحديث سعد بن عبادة: رواه الترمذي والشافعي وأحمد

وحديث سرق: رواه ابن ماجه وتفرد به.

وله علة هي رواية ابن البيلماني عنه.

وحديث الزبيب: حسن، رواه عنه [عمار بن] شعيث بن عبد الله بن الزبيب العنبري حدثني أبي قال: سمعت جدي الزبيب، وشعيث: ذكره ابن حبان في الثقات.

وحديث عمرو بن شعيب: رواه مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن عمرو " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد " منقطعا، وهو الصحيح.

[ ص: 570 ] وحديث أبي سعيد: رواه الطبراني في معجمه الصغير بإسناد ضعيف.

وحديث سهل بن سعد: رواه أبو بكر بن أبي سبرة، -ضعيف- عن أبي حازم عن سهل:

فالعمدة على الأحاديث الثابتة، وبقيتها شواهد لا تضر.

التالي السابق


الخدمات العلمية