صفحة جزء
3647 444 \ 3500 - وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال دخل زيد بن ثابت على معاوية فسأله عن حديث فأمر إنسانا يكتبه فقال له زيد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن لا نكتب شيئا من حديثه فمحاه

في إسناده كثير بن زيد الأسلمي مولاهم المدني، وفيه مقال.

والمطلب بن عبد الله بن حنطب قد وثقه غير واحد. وقال محمد بن [ ص: 575 ] سعد: كان كثير الحديث، وليس يحتج بحديثه؛ لأنه يرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس له لقي، وعامة أصحابه يدلسون. هذا آخر كلامه.

وقد قيل: إنه سمع من عمر، وأن الأوزاعي روى عنه. والظاهر أنهما اثنان، لأن الراوي عن عمر لم يدركه الأوزاعي.

وقد أخرج مسلم في "الصحيح " من حديث أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه... " الحديث


قال ابن القيم رحمه الله: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الكتابة والإذن فيها، والإذن متأخر، فيكون ناسخا لحديث النهي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزاة الفتح " اكتبوا لأبي شاة " يعني خطبته التي سأل كتابتها، وأذن لعبد الله بن عمرو في الكتابة، وحديثه متأخر عن النهي؛ لأنه لم يزل يكتب، ومات وعنده كتابه وهي الصحيفة التي كان يسميها " الصادقة " ولو كان [ ص: 576 ] النهي عن الكتاب متأخرا لمحاها عبد الله لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمحو ما كتب عنه غير القرآن، فلما لم يمحها وأثبتها دل على أن الإذن في الكتابة متأخر عن النهي عنها، وهذا واضح.

والحمد لله.

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لهم في مرض موته " ائتوني باللوح والدواة والكتف لأكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا ".

وهذا إنما كان يكون كتابة كلامه بأمره وإذنه.

وكتب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم كتابا عظيما في الديات وفرائض الزكاة وغيره

وكتبه في الصدقات معروفة مثل كتاب عمر بن الخطاب وكتاب [ ص: 577 ] أبي بكر الصديق الذي دفعه إلى أنس

وقيل لعلي: هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء ؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا ما في هذه الصحيفة، وكان فيها العقول وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر ".

وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة غير القرآن في أول الإسلام لئلا يختلط القرآن بغيره، فلما علم القرآن وتميز وأفرد بالضبط والحفظ وأمنت عليه مفسدة الاختلاط أذن في الكتابة.

وقد قال بعضهم: إنما النهي عن كتابة مخصوصة وهي أن يجمع بين كتابة الحديث والقرآن في صحيفة واحدة خشية الالتباس.

وكان بعض السلف يكره الكتابة مطلقا. وكان بعضهم يرخص فيها حتى يحفظ فإذا حفظ محاها.

وقد وقع الاتفاق على جواز الكتابة وإبقائها، ولولا الكتابة لم يكن بأيدينا اليوم من السنة إلا أقل القليل.

[ ص: 578 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية