صفحة جزء
3678 449 \ 3531 - وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة

وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.


قال ابن القيم رحمه الله: وقد أخرجا في الصحيحين عن أنس قال " إن الخمر حرمت، والخمر يومئذ البسر والتمر ".

وفي صحيح مسلم عن أنس قال " لقد أنزل الله الآية التي حرم فيها الخمر وما بالمدينة شراب يشرب إلا من تمر ".

وفي صحيح البخاري عن أنس قال " حرمت علينا [الخمر] حين حرمت وما نجد خمر الأعناب إلا قليلا وعامة خمرنا البسر والتمر ".

[ ص: 585 ] وفي صحيح البخاري أيضا عن ابن عمر قال " نزل تحريم الخمر وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب " وأخرجه مسلم أيضا.

وفي الصحيحين أيضا عن أنس قال " كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب فضيخ زهو وتمر، فجاءهم آت، فقال إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة: قم يا أنس فأهرقها "

وفي لفظ قال عبد العزيز بن صهيب قلت لأنس " ما هو ؟ قال بسر ورطب "

وفي لفظ في الصحيحين عن أنس - وسألوه عن الفضيخ - فقال " ما كان لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ إني لقائم أسقيها أبا طلحة وأبا أيوب ورجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في بيتنا إذ جاء رجل فقال هل بلغكم الخبر ؟ فقلنا لا، فقال إن الخمر قد حرمت فقال يا أنس أرق هذه القلال قال فما راجعوها ولا سألوا عنها بعد خبر الرجل ".

فهذه النصوص الصحيحة الصريحة في دخول هذه الأشربة المتخذة [ ص: 586 ] من غير العنب في اسم الخمر في اللغة التي نزل بها القرآن، وخوطب بها الصحابة مغنية عن التكلف في إثبات تسميتها خمرا بالقياس مع كثرة النزاع فيه.

فإذ قد ثبت تسميتها خمرا نصا فتناول لفظ النصوص لها كتناوله لشراب العنب سواء تناولا واحدا.

فهذه طريقة قريبة منصوصة سهلة، تريح من كلفة القياس في الاسم والقياس في الحكم.

ثم إن محض القياس الجلي يقتضي التسوية بينهما؛ لأن تحريم قليل شراب العنب مجمع عليه وإن لم يسكر، وهذا لأن النفوس لا تقتصر على الحد الذي لا يسكر منه، وقليله يدعو إلى كثيره وهذا المعنى بعينه في سائر الأشربة المسكرة، فالتفريق بينها في ذلك تفريق بين المتماثلات وهو باطل

فلو لم يكن في المسألة إلا القياس لكان كافيا في التحريم فكيف وفيها ما ذكرناه من النصوص التي لا مطعن في سندها ولا اشتباه في معناها، بل هي صحيحة صريحة، وبالله التوفيق.

التالي السابق


الخدمات العلمية