صفحة جزء
4537 540 \ 4371 - وعن أبي نضرة، عن أبي فراس قال : خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، فمن فعل به ذلك فليرفعه إلي أقصه منه، قال : عمرو بن العاص : لو أن رجلا أدب بعض رعيته أتقصه منه؟ قال : إي والذي نفسي بيده أقصه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أقص من نفسه .

وأخرجه النسائي .

وأبو فراس قيل: هو الربيع بن زياد بن أنس الحارثي، وقيل: كنيته أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن. وسئل أبو زرعة الرازي، عن أبي فراس، هذا الذي روى عن عمر، وروى عنه أبو نضرة، فقال: لا أعرفه .

وقال الحافظ أبو أحمد الكرابيسي : ولا أعرف أبا نضرة، روى عن الربيع بن زياد شيئا، إنما روى عنه أبو مجلز وقتادة، وذكره الشعبي في بعض أخباره. وأبو فراس الذي روى عنه أبو نضرة هو النهدي. هذا آخر كلامه.

[ ص: 125 ] وأبو نضرة- بفتح النون وسكون الضاد المعجمة- هو المنذر بن مالك العوقي.


قال ابن القيم رحمه الله: وقال الشافعي في رواية الربيع: وروى من حديث عمر أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي القود من نفسه، وأبا بكر يعطي القود من نفسه، وأنا أعطي القود من نفسي ، احتج به الشافعي في القصاص فيما دون النفس.

وقد تقدم حديث النعمان بن بشير وقوله لمدعي السرقة: إن شئتم أن أضربهم فإن خرج متاعكم ، وإلا أخذت من ظهوركم، مثل ما أخذت من ظهورهم، فقالوا: هذا حكمك؟ فقال هذا حكم الله ورسوله .

روى النسائي من حديث محمد بن هلال، عن أبيه، عن أبي هريرة [ ص: 126 ] قال: كنا نقعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فإذا قام قمنا، فقام يوما وقمنا معه، حتى إذا بلغ وسط المسجد أدركه أعرابي، فجبذ بردائه من ورائه، وكان رداؤه خشنا، فحمر رقبته، قال : يا محمد، احمل لي على بعيري هذين، فإنك لا تحمل من مالك ولا من مال أبيك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، وأستغفر الله، لا أحمل لك حتى تقيدني مما جبذت برقبتي، فقال الأعرابي: لا والله لا أقيدك، [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك ثلاث مرات، كل ذلك يقول: لا والله لا أقيدك]، فلما سمعنا قول الأعرابي، أقبلنا إليه سراعا، فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عزمت على من سمع كلامي، أن لا يبرح مقامه، حتى آذن له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من القوم: يا فلان احمل له على بعير شعيرا، وعلى بعير تمرا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصرفوا . ترجم عليه: "القود من الجبذة"، ورواه أبو داود.

وروى النسائي أيضا من حديث سعيد بن جبير أخبرني ابن عباس: أن رجلا وقع في أب كان له في الجاهلية، فلطمه العباس، فجاء قومه، فقالوا : لنلطمنه كما لطمه، فلبسوا السلاح، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فصعد المنبر، فقال: أيها الناس، أي أهل الأرض تعلمون أكرم على الله ؟ قالوا [ ص: 127 ] أنت، قال: فإن العباس مني، وأنا منه لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا، فجاء القوم فقالوا يا رسول الله، نعوذ بالله من غضبك استغفر لنا . وترجم عليه : "القود من اللطمة".

وروى النسائي أيضا حديث أبي سعيد المتقدم وقال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم شيئا، إذا أكب عليه رجل فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه، فصاح الرجل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعال فاستقد، فقال الرجل: بل عفوت يا رسول الله . وترجم عليه: "القود من الطعنة".

وفي "الصحيحين"، عن عائشة قالت: لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فأشار أن لا تلدوني، فقلنا كراهة المريض للدواء، فلما أفاق قال: لا يبقى أحد منكم إلا لد، وأنا أنظر، إلا العباس، فإنه لم يشهد .

ومن بعض تراجم البخاري عليه: " باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات ".

وفي الباب حديث أسيد بن حضير : أن النبي صلى الله عليه وسلم طعنه في خاصرته بعود فقال: اصبرني فقال: اصطبر، قال: إن عليك قميصا، وليس علي قميص: فرفع النبي صلى الله عليه وسلم، عن قميصه.

فاحتضنه وجعل يقبل كشحه، قال: إنما أردت هذا يا رسول الله
، رواه أبو داود في كتاب الأدب، وسيأتي هناك إن شاء الله تعالى. " واصبرني " أي أقدني من نفسك و " واصطبر " أي استقد، والاصطبار: الاقتصاص. يقال: أصبرته بقتيله: أقدته منه.

[ ص: 128 ] وذكر النسائي من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقا، فلاحه رجل في صدقته، فضربه أبو جهم، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: القود يا رسول الله، فقال، لكم كذا وكذا [فلم يرضوا به، فقال: لكم كذا وكذا، فرضوا به]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم، قالوا: نعم، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن هؤلاء أتوني يريدون القود فعرضت عليهم كذا وكذا، فرضوا، قالوا: لا، فهم المهاجرون بهم، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفوا فكفوا، ثم دعاهم فقال: أرضيتم ؟ قالوا: نعم، قال: فإني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم، قالوا: نعم، فخطب الناس ثم قال: أرضيتم ؟ قالوا: نعم .

التالي السابق


الخدمات العلمية