صفحة جزء
باب فضل حلق الذكر والندب إلى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر

قال الله تعالى : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم .

1447 - وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر ، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله عز وجل ، تنادوا : هلموا إلى حاجتكم ، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا ، فيسألهم ربهم - وهو أعلم - : ما يقول عبادي ؟ قال : يقولون : يسبحونك ، ويكبرونك ، ويحمدونك ، ويمجدونك ، فيقول : هل رأوني ؟ فيقولون : لا والله ما رأوك . فيقول : كيف لو رأوني ؟! قال : يقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة ، وأشد لك تمجيدا وأكثر لك تسبيحا . فيقول : فماذا يسألون ؟ قال : يقولون : يسألونك الجنة . قال : يقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا والله يا رب ما رأوها . قال : يقول : فكيف لو رأوها ؟ قال : يقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا وأعظم فيها رغبة . قال : فمم يتعوذون ؟ قال : يقولون : يتعوذون من النار . قال . فيقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا والله ما رأوها . فيقول : كيف لو رأوها ؟ قال : يقولون : لو رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد لها مخافة . قال : فيقول : [ ص: 333 ] فأشهدكم أني قد غفرت لهم . قال : يقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم ، إنما جاء لحاجة ، قال : هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم . متفق عليه .

وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن لله ملائكة سيارة فضلا يتتبعون مجالس الذكر ، فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر ، قعدوا معهم ، وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء ، فيسألهم الله عز وجل - وهو أعلم - : من أين جئتم ؟ فيقولون : جئنا من عند عباد لك في الأرض : يسبحونك ، ويكبرونك ويهللونك ، ويحمدونك ، ويسألونك . قال : وماذا يسألوني ؟ قالوا : يسألونك جنتك : قال : وهل رأوا جنتي ؟ قالوا : لا ، أي رب . قال : فكيف لو رأوا جنتي ؟ قالوا : ويستجيرونك . قال : ومم يستجيروني ؟ قالوا : من نارك يا رب . قال : وهل رأوا ناري ؟ قالوا : لا ، قال : فكيف لو رأوا ناري ؟! قالوا ويستغفرونك . فيقول : قد غفرت لهم ، وأعطيتهم ما سألوا ، وأجرتهم مما استجاروا . قال : يقولون : رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم . فيقول : وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ! .

التالي السابق


الخدمات العلمية