الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
أدلة القول الثاني:

استدل أصحاب القائلين بعدم جواز شهادة الكافر على المسلم مطلقا بما يلي:

1 - قوله تعالى: واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء .

وجه الدلالة من وجهين:

الأول: قوله تعالى: من رجالكم ، والخطاب فيه للمسلمين قطعا ; لقوله [ ص: 413 ] تعالى أول الآية: يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين ، فدل بمفهومه أن غير المسلمين لا تقبل شهادتهم إذا أشهدوا.

والثاني: قوله: ترضون من الشهداء ، فإنه يدل بمفهومه أيضا على عدم قبول شهادة الكفار; لأنهم ممن لا يرضون في الشهادة.

والآية عامة في الشهادة بالوصية وغيرها.

2 - قوله تعالى: وأشهدوا ذوي عدل منكم ، وهو مثل الآية الأولى، يدل على عدم قبول الكفار في الشهادة بمفهوم الخطاب في قوله: منكم ; لأن الكفار ليسوا من المسلمين.

3 - قوله تعالى: إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ، وهو عام في كل نبأ من وصية وغيرها; لأنه نكرة في سياق الشرط فتعم، كما أنه عام في كل فاسق; لأنه نكرة في سياق الشرط، فتعم الكافر وغيره.

ونوقش هذا العموم: بأنه مخصوص بأدلة القول الأول.

4 - أن الكافر لا تقبل شهادته على غير الوصية بالإجماع، فكذلك الوصية لا تقبل شهادته فيها; إذ لا فرق.

ه - أن الفاسق لا تقبل شهادته، فالكافر من باب أولى.

ونوقش هذان الدليلان: بأن المخالفين يوافقون على ما فيهما، وأن الكافر لا تقبل شهادته على المسلم، وهذا هو الأصل الذي نتفق فيه معكم، [ ص: 414 ] إلا أن هذا الأصل يستثنى منه حالة واحدة، وهي مسألتنا هذه، فنقبل شهادة الكافر على وصية المسلم في السفر إذا لم يوجد غيره.

الترجيح:

الراجح - والله أعلم - صحة شهادة الكافر على وصية المسلم حال الضرورة في السفر والحضر; لقوة دليله.

التالي السابق


الخدمات العلمية