أدلة القول الثاني: 
استدل أصحاب القائلين بعدم جواز 
شهادة الكافر على المسلم مطلقا بما يلي: 
1 - قوله تعالى: 
واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء  . 
وجه الدلالة من وجهين: 
الأول: قوله تعالى: 
من رجالكم ، والخطاب فيه للمسلمين قطعا ; لقوله  
[ ص: 413 ] تعالى أول الآية: 
يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين ، فدل بمفهومه أن غير المسلمين لا تقبل شهادتهم إذا أشهدوا. 
والثاني: قوله: 
ترضون من الشهداء ، فإنه يدل بمفهومه أيضا على عدم قبول شهادة الكفار; لأنهم ممن لا يرضون في الشهادة. 
والآية عامة في الشهادة بالوصية وغيرها. 
2 - قوله تعالى: 
وأشهدوا ذوي عدل منكم ، وهو مثل الآية الأولى، يدل على عدم قبول الكفار في الشهادة بمفهوم الخطاب في قوله: 
منكم  ; لأن الكفار ليسوا من المسلمين. 
3 - قوله تعالى: 
إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ، وهو عام في كل نبأ من وصية وغيرها; لأنه نكرة في سياق الشرط فتعم، كما أنه عام في كل فاسق; لأنه نكرة في سياق الشرط، فتعم الكافر وغيره. 
ونوقش هذا العموم: بأنه مخصوص بأدلة القول الأول. 
4 - أن الكافر لا تقبل شهادته على غير الوصية بالإجماع، فكذلك الوصية لا تقبل شهادته فيها; إذ لا فرق. 
ه - أن الفاسق لا تقبل شهادته، فالكافر من باب أولى. 
ونوقش هذان الدليلان: بأن المخالفين يوافقون على ما فيهما، وأن الكافر لا تقبل شهادته على المسلم، وهذا هو الأصل الذي نتفق فيه معكم،  
[ ص: 414 ] إلا أن هذا الأصل يستثنى منه حالة واحدة، وهي مسألتنا هذه، فنقبل شهادة الكافر على وصية المسلم في السفر إذا لم يوجد غيره. 
الترجيح: 
الراجح - والله أعلم - صحة شهادة الكافر على وصية المسلم حال الضرورة في السفر والحضر; لقوة دليله.