الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
[ ص: 436 ] المبحث الثاني

حكمها، وأدلتها

يتفق الأئمة الأربعة على أن الأصل في شروط الموصي الحل والصحة ، وأن العمل بها واجب في الجملة على الوصي، ما لم تكن هذه الشروط مخالفة للشرع، وما لم تقتض الضرورة أو المصلحة مخالفتها.

كما سيأتي.

وقد استدلوا على ذلك بما يلي:

1 - قوله تعالى في شأن الوصية: فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ، فبين أن التبديل في الوصية إثم.

قال ابن كثير: « وقوله: فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه يقول تعالى: فمن بدل الوصية وحرفها، فغير حكمها وزاد فيها أو نقص - ويدخل في ذلك الكتمان لها بطريق الأولى - فإنما إثمه على الذين يبدلونه ، قال ابن عباس وغير واحد: وقد وقع أجر الميت على الله، وتعلق الإثم بالذين بدلوا ذلك أن الله سميع عليم أي: قد اطلع على ما أوصى به الميت، وهو عليم بذلك، وبما بدله الموصى إليهم » .

[ ص: 437 ] 2 - قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ، والأمر بإيفاء العقد يتضمن إيفاء أصله، ووصفه، ومن وصفه: الشرط فيه.

(246 ) 3 - ما رواه البخاري ومسلم من طريق الليث قال: حدثني يزيد ابن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج .

4 - قوله -صلى الله عليه وسلم-: المسلمون على شروطهم ، والموصي قد أوصى بماله على هذا الشرط، ولم يأذن في صرفه إلا على هذا الوجه، فوجب الالتزام به; لأن الأصل في الأموال العصمة.

5 - فعل الصحابة -رضي الله عنهم-، فقد شرطوا في وصاياهم شروطا، ولو لم يكن اتباع تلك الشروط واجبا على من يلي وصاياهم; لكان اشتراطها خاليا من الفائدة وعبثا.

6 - ما رواه مالك في الموطأ عن القاسم بن محمد أنه قال: « ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا » ، قال مالك: « وعلى ذلك الأمر عندنا » ، وقال الباجي: « أي: عند علماء المدينة » .

7 - أن الناظر بمنزلة الوكيل عن الموصي، والوكيل يجب عليه اتباع شرط موكله، كما لو قال له موكله: تصدق بهذا المال على فقراء البلد الفلاني، فإنه لا خلاف في وجوب التقيد به، وعدم جواز تفريقه على [ ص: 438 ] غيرهم، فكذلك يجب على من يلي النظر في الوصية التقيد بشروط الموصي.

التالي السابق


الخدمات العلمية