الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
[ ص: 531 ] المبحث الحادي والعشرون

المبطل الحادي والعشرون: وفاة الموصى له

وتحته مطلبان:

المطلب الأول وفاة الموصى له قبل الموصي أو معه

إذا توفي الموصى له قبل الموصي أو معه، فهنا ثلاثة أقوال: القول الأول: بطلان الوصية مطلقا، علم الموصي بموته أم لا.

وهو مذهب الأئمة الأربعة وأصحابهم، وبه قال الزهري، وحماد بن أبي سليمان.

وذهب بعض المالكية : أنه إذا كانت الوصية لجماعة فمات أحدهم فنصيبه لشركائه.

وحجته:

1 - ما تقدم من الأدلة على أن الوصية تقبل وتملك بعد موت الموصي [ ص: 532 ] ولم يوجد.

2 - أن الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت، فإذا مات الموصى له قبل موت الموصي لم يصح الإيجاب، كما لا يصح إيجاب البائع للمشتري بعد موته.

3 - ولأنها عطية صادفت المعطى ميتا، فلم تصح كما لو وهب ميتا.

4 - القياس على الإرث.

ه - أن الوصية إنما تجب بالموت، فإذا مات قبله لم يبق لها محل ومستحق.

القول الثاني: صحتها مطلقا، ويستحقها ورثة الموصى له.

وبه قال الحسن البصري، والنخعي.

وحجته: أنه أي: الموصى به للموصى له بعد عقد الوصية، فيقوم الوارث مقامه، كما لو مات بعد موت الموصي وقبل القبول.

القول الثالث: التفصيل بين علمه بوفاته وعدمه ، فإن علم بوفاته ولم يغير وصيته فهي لورثة الموصى له، وإن لم يعلم بوفاته بطلت، وعادت لورثة الموصي.

وهو قول عطاء.

وحجة هذا القول:

1 - أن الموصي لما أعلم بوفاة الموصى له ولم يغير وصيته كان ذلك دليلا على أنه قصد جعله لورثته، وإبقاءه لهم، فتعطى لهم.

[ ص: 533 ] 2 - ولأن استمراره على وصيته بمنزلة إنشاء وصية جديدة لورثة الموصى له، بخلاف ما إذا لم يعلم، فإن الوصية تبطل; لاحتمال أنه لو علم بوفاته لرجع عن وصيته.

ونوقش هذا الاستدلال: أنه لم يغير وصيته بعد علمه بوفاته لمعرفته ببطلان الوصية بموته، والأموال لا تنتقل بالشك.

الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم ; لقوة دليله.

التالي السابق


الخدمات العلمية