الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المبحث الثامن: وصية الإنسان بإتلاف كتبه

صورة المسألة: لو أن رجلا أوصى بأن تدفن كتب العلم التي له، أو تغرق في الماء بعد موته، وقد رويت الوصية بذلك عن جماعة من السلف، منهم: طاوس، وعبيدة، وشعبة، وأبي قلابة، وعيسى بن يونس، وبشر بن الحارث، وغيرهم.

فهل تصح وصيته أو لا؟

لأهل العلم في هذه المسألة خمسة أقوال:

القول الأول: لا تصح هذه الوصية، فلا تدفن كتب العلم.

وهو قول الحنفية، والمعتمد عند الحنابلة.

استدل أصحاب هذا القول بما يلي:

[ ص: 242 ] 1- النهي في الشرع عن إتلاف المال وإضاعته، وهذه الوصية هي من صور إتلاف المال وإضاعته فلا يعمل بها.

2- أن الكتب تصير بموت الموصي حقا للورثة، وفي إتلافها تفويت لحق الورثة.

3- عموم ما جاء في الشرع من الحث على نشر العلم وإظهاره، وهذه الوصية مخالفة لهذا المقصد الشرعي.

القول الثاني: لا بأس بدفنها إعمالا للوصية.

وهذا القول رواية عن الإمام أحمد.

القول الثالث: يحسب ذلك من ثلثه.

وهذا القول رواية عن الإمام أحمد.

القول الرابع: التوقف في المسألة.

القول الخامس: أن الأحوط دفنها.

وبه قال الخلال من الحنابلة.

ولم يذكر الحنابلة لهذه الروايات الأربع عن الإمام أحمد دليلا، والذي يبدو من تعدد الروايات واختلافها عن الإمام: هو التردد في هذه المسألة بين عموم العمل بالوصية وإنفاذها، وبين ما يقع فيها من إتلاف للمال، وإخفاء للعلم بدفن الكتب.

[ ص: 243 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية