الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المسألة الثانية: قدر الأكل:

اختلف العلماء المجيزون للأكل من مال اليتيم في قدر ما يأكله الولي على أقوال:

[ ص: 333 ] القول الأول: أنه يأكل الأقل من كفايته وأجرته.

وهو قول جمهور أهل العلم.

وحجته: أنه يستحقه بالعمل والحاجة جميعا، فلا يجوز أن يأخذ إلا ما وجد فيه.

القول الثاني: أن الولي يأكل بقدر عمله.

وبه قال بعض الحنابلة.

وحجته: أن الولي يستحق الأكل من مال اليتيم بالعمل فيتقدر بقدره.

ولعله يناقش: بأنه لا يسلم بأنه لا يستحق الأكل إلا بالعمل فقط، بل به والحاجة جميعا.

القول الثالث: أن الولي يأكل بقدر كفايته.

وبه قال الشافعية.

ولعل حجته: أنه رخص للولي أن يأكل بالمعروف.

والمعروف هو قدر الكفاية; إذ لا إفراط ولا تفريط، فلا نقص على الولي ولا ظلم لليتيم، فهو ظاهر القرآن.

القول الرابع: أنه يجوز للولي أن ينتفع بألبان الإبل، واستخدام العبيد، وركوب الدواب إذا لم يضر بأصل المال، أما أعيان الأموال وأصولها، فليس للوصي أخذها.

[ ص: 334 ] وبه قال الشعبي، وأبو العالية.

وحجته:

(337) ما رواه عبد الرزاق من طريق القاسم بن محمد قال: جاء رجل إلى ابن عباس -رضي الله عنهما- فقال: «إن في حجري أموال يتامى وهو يستأذنه أن يصيب منها، فقال ابن عباس: ألست تبغي ضالتها؟ قال: بلى. قال: ألست تهنأ جرباها؟ قال: بلى. قال: ألست تلوط حياضها؟ قال: بلى. قال: ألست تفرط عليها يوم وردها؟ قال: بلى. قال: فأصب من رسلها يعني: من لبنها».

وجه الدلالة: أن ابن عباس -رضي الله عنهما- رخص للسائل أن يصيب من أموال اليتامى الذين في حجره، وهذا يشمل الانتفاع بأعيان الأموال من ركوب الدواب، واستخدام للعبيد، ونحو ذلك.

ونوقش هذا الاستدلال:

بأنه لا دلالة في الأثر على ما احتجوا به، فابن عباس -رضي الله عنهما- إنما رخص في ألبان الإبل، ولم يرخص في منافع الأعيان، واللبن عين وليس منفعة، وقد أجاز ابن عباس -رضي الله عنهما- شربه.

الترجيح:

الأقرب -والله أعلم- القول الأول; لأنه أحوط لمال اليتيم، وأبرأ للذمة.

[ ص: 335 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية