الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المسألة الرابعة: شروط الأكل عند من أجازه:

ذكر جمهور أهل العلم القائلون بجواز الأكل من مال اليتيم شروطا لجواز الأكل لم أقف لها على دليل لأكثرها سوى حرمة مال اليتيم، والاحتياط لذلك، وهي كما يلي:

الشرط الأول: أن يكون الأكل حال الضرورة; لأنه بمنزلة الدم ولحم الخنزير.

وهو قول الشعبي.

ورد هذا الشرط: بأنه لا معنى له; لأنه إذا اضطر هذا الاضطرار كان له أخذ ما يقيمه من مال يتيمه أو غيره من قريب أو بعيد.

الشرط الثاني: أن يشغله أمر القيام على اليتيم عن الاكتساب.

وهو مذهب الشافعية، وبه قال بعض الحنابلة.

الشرط الثالث: أن يفرضه الحاكم.

وهو قول بعض الحنابلة.

ولعله يرد: بأنه مخالف لظاهر القرآن والسنة.

الشرط الرابع: أن يكون غير الحاكم وأمينه، فالحاكم وأمينه لا يباح لهما الأكل.

وبه قال الحنابلة.

وحجته: أنهما يستغنيان بما لهما في بيت المال.

[ ص: 339 ] الشرط الخامس: أن يكون ذلك مقابل عمله في مال اليتيم.

وبه قال الحنفية.

وحجة هذا القول:

1- قول عائشة - رضي الله عنها- في قوله تعالى: ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف أنزلت في ولي اليتيم الذي يقيم عليه، ويصلح في ماله إن كان فقيرا أكل منه بالمعروف.

2- ما ورد أن رجلا جاء إلى ابن عباس -رضي الله عنهما- فقال: «إن في حجري أيتاما لهم أموال، وهو يستأذنه أن يصيب منها، فقال: «ألست تهنأ جرباءها؟ قال: ألست تفرط عليها يوم وردها؟ قال: بلى، قال: فاشرب من لبنها غير ناهك في الحلب، ولا مضر بنسل».

ورد هذا الشرط من أوجه:

الأول: أن الذين أباحوا ذلك له أباحوه حال الفقر، واستحقاق الأجرة مقابل العمل لا يختلف فيه الغني والفقير.

الثاني: أن الوصي لا يجوز أن يستأجر نفسه من اليتيم.

الثالث: أن الذين أباحوا ذلك لم يشترطوا شيئا معلوما، والإجارة لا تصح إلا بأجرة معلومة.

وأجيب عن هذه الأوجه: بأنها بناء على أن ما أبيح لليتيم من أجرة على عمله، وليس كذلك، بل رخصة من الله -عز وجل- للفقير في الأكل إلى أن يستغني.

[ ص: 340 ] فالذي يظهر من القرآن والسنة: أن الولي الفقير رخص له أن يأكل من مال اليتيم إذا تولى مال اليتيم، وقام بحفظه، والإنفاق عليه، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية