الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المسألة الرابعة: وقف الفحل للضراب:

الفحل: هو الذكر من الحيوان سواء الإبل أو البقر أو الغنم، ويقصد به الإنزاء على الأنثى من جنسه للحصول على نسله.

وقد اختلف الفقهاء في حكم وقفه على قولين:

القول الأول: يجوز وقفه لذلك.

وهو قول المالكية، وبه قال الشافعية، والحنابلة.

القول الثاني: لا يجوز وقفه لذلك. [ ص: 615 ]

وبهذا قال الحنفية، وهو غير متعارف عليه عندهم.

الأدلة:

أدلة القول الأول:

1 - ما تقدم من الأدلة على مشروعية الوقف.

2 - أدلة وقف المنقول.

3 - أن الوقف قربة يحتمل فيها ما لا يحتمل في المعاوضات كالإجارة، فيجوز في الفحل للضراب.

دليل القول الثاني: (عدم الجواز) :

أن وقف الفحل للضراب ليس بقربة مقصودة، وليس فيه عرف ظاهر، فلا يجوز.

ويناقش بأنه وإن يكن ذات الضراب قربة مقصودة إلا أن الوقف له قربة من حيث الجملة؛ لما فيه من نفع الناس ودفع حاجتهم وإعانتهم على طلب الرزق، فليس كل صاحب ماشية لديه القدرة على شراء فحل لطرق ماشيته، وقد تكون قليلة من حيث العدد، كما أنه قد يريد الحصول على نسل فحل معين لتميزه؛ ولذلك جازت العارية فيه، بل جعله الشارع من الحق الذي يجب على صاحب الماشية بذله لمن يحتاجه.

(178) روى مسلم من طريق أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « ما من صاحب إبل، [ ص: 616 ] لا يفعل فيها حقها، إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت قط...، وقال أبو الزبير: سمعت عبيد بن عمير يقول: قال رجل: يا رسول الله، ما حق الإبل؟ قال: « حلبها على الماء، وإعارة دلوها، وإعارة فحلها، ومنيحتها، وحمل عليها في سبيل الله ».

كما جاءت الأدلة متواترة من الكتاب والسنة في الحث على بذل الخير ونفع الناس.

وأما عدم العرف فيه فهذا - أي: اعتبار العرف في وقف المنقول - رأي لهم لا يوافقون عليه، وقد سبق ذكره وأدلته ومناقشتها.

الترجيح:

الراجح في هذه المسألة - والله أعلم بالصواب - هو القول الأول القائل بجواز وقف الفحل للضراب لقوة ما استدلوا به، ولأن الوقف فعل خير وقربة، فيكثر منه.

* * * [ ص: 617 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية