الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المسألة الثانية: زيادة الأجرة أثناء المدة:

إذا طرأت زيادة في إجارة العين الموقوفة، فهل يملك الناظر الفسخ أو لا؟

للعلماء في ذلك أقوال:

القول الأول: أن إجارة الوقف لا تفسخ، ويبقى العقد على المسمى.

وبه قال: المالكية، والشافعية، والحنابلة، واختاره شيخ الإسلام.

وحجته:

1 - أدلة وجوب الوفاء بالعقود.

2 - أن الإجارة عقد لازم من الطرفين فلا يجوز فسخها بغير سبب موجب، وإذا أوجبنا الزيادة على المستأجر فيجب أن نبيح له النقص، إذا نقص أجر المثل عن المسمى.

3 - أن العقد وقع بالغبطة في وقته، فأشبه ارتفاع القيمة، أو الأجرة بعد بيع، أو إجارة مال المحجور.

القول الثاني: أن زيادة أجرة المثل، أو ظهور راغب بها بزيادة عذر يفسخ به عقد الإجارة إلا إن رضي المستأجر بدفع الزيادة.

وهذا المفتى به عند الحنفية، ووجه عند الشافعية، ووجه عند الحنابلة.

[ ص: 390 ] لكن اشترط الحنفية للفسخ شروطا:

الشرط الأول: أن يكون المؤجر الناظر بحكم الولاية لا الموقوف عليه، وهذا اشترطه أيضا الشافعية، والحنابلة.

الشرط الثاني: أن تكون الزيادة فاحشة غير يسيرة.

وهذا أيضا شرط عند الجميع - وتقدم تفسير الفاحش قريبا - .

وقدر بعض الشافعية والحنابلة: الزيادة بالثلث.

الشرط الثالث: أن تكون الزيادة في عامة أمثال الوقف لا بسبب ما أحدثه المستأجر فيه من العمارة.

الشرط الرابع: أن تكون الزيادة حقيقية بمعنى أن لا يكون طالب الزيادة مريدا الإضرار بالمستأجر.

الشرط الخامس: أن يمكن الفسخ بأن لا يكون للمستأجر في الأرض زرع لم يحصد، بل يترك إلى الحصاد بأجرة المثل، وما قبله فبالمسمى.

الشرط السادس: أن يتحقق من الزيادة بأن يكثر الطالب بها، وإلا لم يعتبر جزما.

وحجته: أنه بزيادة أجرة المثل تبين أن العقد الأول وقع بخلاف الغبطة، وفي ذلك ضرر على الوقف فيجب فسخه.

القول الثالث: التفصيل فإن كانت الإجارة سنة فما دونها لم يتأثر العقد، وإن كانت أكثر تأثر بها.

وهذا وجه عند الشافعية.

الترجيح:

الراجح - والله أعلم - قول جمهور أهل العلم بعدم انفساخ الإجارة بزيادة [ ص: 391 ] الأجرة; لأن العقد قد تم بشروطه، ولأن الأوقاف يلحقها ضرر من جهة أن الناس يعرضون عن استئجارها إذا علموا بجواز الفسخ عند زيادة الأجرة.

التالي السابق


الخدمات العلمية