الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المبحث التاسع

غرس الأشجار في المسجد، والأكل من ثمره

وفيه مطالب:

المطلب الأول

حكمه

الأشجار الموجودة داخل المساجد تنقسم إلى قسمين :

القسم الأول : ما غرس ابتداء أي أن النخلة أو الشجرة غرست بعد أن صار مسجدا، وهذه اختلف العلماء فيها على قولين :

القول الأول : يحرم غرس الشجر في المسجد.

وبه قال الحنابلة.

جاء في المغني: "ولا يجوز أن يغرس في المسجد شجرة، نص عليه أحمد.. " .

وجاء في كشاف القناع: "ويحرم غرس شجرة في مسجد، فإن فعل بأن غرس قلعت الشجرة..." . [ ص: 270 ]

وحجته :

1- أنها غرست بغير حق .

2- أن المساجد لم تبن إلا للعبادة، وغرس الأشجار فيها تعطيل لمنافعها الأصلية .

3- أن الشجرة تؤذي المسجد، وتمنع المصلين من الصلاة في موضعها.

4- أن ثمر وورق الأشجار يتساقط في المسجد، فيتسخ المسجد.

5- تسقط عليها العصافير والطير فتبول في المسجد.

6- أن الصبيان ربما اجتمعوا في المسجد من أجلها ، ورموها بالحجارة ليسقط ثمرها.

القول الثاني: يكره غرس الشجر في المسجد .

وبه قال الحنفية، والشافعية .

جاء في الفتاوى الهندية : "ويكره غرس الشجر في المسجد .... إلا أن يكون فيه منفعة للمسجد بأن كانت الأرض نزة لا تستقر أساطينها فيغرس فيه الشجر ليقل النز".

وجاء في المجموع: "يكره غرس الشجر في المسجد، ويكره حفر البئر فيه ... وللإمام قلع ما غرس فيه" . [ ص: 271 ]

وحجته :

استدل الحنفية والشافعية على كراهة غرس الشجر في المسجد: بما استدل به الحنابلة على تحريم غرس الشجر في المسجد، وبقوله صلى الله عليه وسلم : "ليس لعرق ظالم حق"، ولأن الظلم وضع الشيء في غير محله، وهذا كذلك .

الترجيح :

الراجح - والله أعلم - عدم غرس الأشجار في المسجد; لأنها إنما بنيت للعبادة كالصلاة وذكر الله وقراءة القرآن، وإحداث أي شيء فيها زيادة على ما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

القسم الثاني: أن توجد النخلة أو الشجرة في أرض، فيجعلها صاحبها مسجدا، والنخلة أو الشجرة فيها، وقد تفرد بذكر هذه المسألة الحنابلة فقالوا : لا بأس بذلك; وعللوا له بأن صاحب الأرض لما جعلها مسجدا والنخلة فيها ، فقد وقف الأرض والنخلة معها. [ ص: 272 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية