الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المطلب الثالث

التقرير في الوظائف

فقد اختلف الفقهاء فيمن يتولاه على قولين :

القول الأول : أن التقرير في الوظائف للناظر ما لم تكن تلك الوظائف من الأمور العامة في الإسلام.

لكن متى امتنع الناظر من نصب من يقوم بمصلحة الوقف نصب القاضي من يقوم بصلحته .

وبه قال الشافعية، والحنابلة .

وقال في كشاف القناع: "ومتى امتنع عن نصب من يجب نصبه، نصبه الحاكم، كما في عضل الولي في النكاح".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "ليس للحاكم أن يولي، ولا يتصرف في الوقف بدون أمر الناظر الشرعي الخاص، إلا أن يكون الناظر الشرعي قد تعدى فيما يفعله" .

وقال في كشاف القناع: "يقرر حاكم في وظيفة خلت لما فيه من القيام بلفظ الواقف في المباشرة ودوام نفعه". [ ص: 385 ]

القول الثاني: أن التقرير في الوظائف للحاكم ما لم يشترط الواقف ذلك للناظر الخاص.

وبه قال الحنفية.

الأدلة :

أدلة أصحاب القول الأول:

1- أن: "الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة"، فيتولى الناظر الخاص كل ما يتعلق بالوقف ، ما لم يكن لها تعلق بالأمور العامة للمسلمين ; لأنه أعلم بمن يصلح ومن لا يصلح، وهو المفوض إليه من جهة الشرع.

2- أن التقرير في الوظائف وظيفة الواقف، والناظر يستفيد كل ما كان للواقف.

3- ولأنه حق ثابت للواقف فيلزم ثبوته لنائبه عند الإطلاق.

4- أنه ليس للحاكم مع الناظر الخاص ولاية على ذلك، كما ليس له ولاية وكيل المتصدق.

دليل أصحاب القول الثاني:

أن تقرير الوظائف تصرف في الموقوف عليهم بغير شرط الواقف، وذلك لا يجوز بخلاف ما إذا شرطه الواقف. [ ص: 386 ]

ونوقش هذا الاستدلال : بأن الناظر نائب عن الواقف في وقفه، فيكتسب بسبب تلك الولاية كل ما كان للواقف، ولو لم يشترطه الواقف.

الترجيح:

الراجح - والله أعلم - هو القول الأول; لقوة ما استدلوا .

[ ص: 387 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية