الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
الأمر السابع: هبة الرقيق:

هبة الرقيق لا يخلو من أحوال:

الحال الأولى: أن يكون مأذونا له بالهبة من قبل السيد، فتصح هبته وإن لم يؤذن له بالتجارة; لأنه نائب عن سيده.

الحال الثانية: أن يكون مبعضا، فتصح هبته بقدر ما فيه من الحرية; إذ يملك بقدر ما فيه من الحرية.

الحال الثالثة: أن يكون غير مأذون له، ولا مبعض: فلا تصح هبته إلا بإذن سيده باتفاق الأئمة الأربعة، لأنه محجور عليه لحظ سيده.

جاء في الشرح الكبير: "فأما العبد، فلا يجوز أن يهب إلا بإذن سيده; لأنه مال لسيده، وماله مال لسيده، فلا يجوز إزالة ملك سيده عنه بغير إذنه كالأجنبي".

الحال الرابعة: أن يكون مكاتبا، فلا تصح هبته; إذ هو رقيق، والدليل على ذلك ما يلي:

(68 ) 1 - ما رواه الإمام أحمد من طريق حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم".

[ ص: 172 ] [ ص: 173 ] [ ص: 174 ] 2 - ورود ذلك عن الصحابة: عمر، وعثمان، وزيد بن ثابت، وعائشة رضي الله عنها.

(69 ) أ - ما رواه الطحاوي من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن معبد الجهني، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم".

[ ص: 175 ] (70 ) ب - ما رواه ابن أبي شيبة من طريق إبراهيم، عن عثمان رضي الله عنه قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم".

[ ص: 176 ] (71 ) ج - ما رواه الإمام مالك، عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يقول: "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء".

(72 ) د. ما رواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم".

[ ص: 177 ] (73 ) 5. ما رواه ابن أبي شيبة من طريق عمرو بن ميمون، عن سليمان بن يسار قال: استأذنت على عائشة رضي الله عنها، فقالت: سليمان؟، فقلت: سليمان، فقالت: أريت ما بقي من كتابتك وقاطعت عليها؟ قال: قلت: نعم، إلا شيئا يسيرا، قالت: "ادخل، فإنك عبد ما بقي عليك شيء".

[ ص: 178 ] 3 - أنه عبد يجوز بيعه، فلم تصح هبته.

4 - أن الرق في المكاتب كامل، فلم ينتقص بما أدى، فكان الرق باقيا من كل وجه، ولهذا تقبل كتابته الفسخ بخلاف المدبر وأم الولد.

وعند الظاهرية: تصح هبة الرقيق بناء على أنه يملك ما يؤول إليه من تبرع، وسيأتي تحرير هذه المسألة.

قال ابن حزم: "العبد في جواز صدقته، وهبته، وبيعه، وشرائه كالحر". وقال أيضا: "مال العبد له، وليس لسيده".

التالي السابق


الخدمات العلمية